تجاوزت وفيات «كورونا» حول العالم الـ 800 ألف، والإصابات 23 مليوناً، فيما تستعد المدارس والجامعات لإعادة فتح أبوابها رغم التحديات الصحية.
وفي أوروبا، أحيا تدهور المشهد الوبائي المخاوف التي سادت مطلع مارس (آذار) الماضي، قبل إعلان حالات الطوارئ وتدابير العزل التام، مع تسجيل حالات الإصابة الجديدة قفزات في كل من إسبانيا وفرنسا وإيطاليا التي سجّلت أمس أسوأ حصيلة يومية منذ رفع الإغلاق في مايو (أيار).
وتوقع خبير صحة بريطاني بارز، أن الوباء «سيبقى معنا إلى الأبد، بشكل أو بآخر».
من جهة أخرى، وبعد 5 أشهر من العمل عن بعد، يستعد موظفو القطاع العام في السعودية إلى العودة لمقرات العمل، في وقت تسجل فيه السعودية أدنى حصيلة إصابات بفيروس «كورونا» منذ نحو 4 أشهر.
وتأتي العودة لمقرات العمل، وفقا لشروط ضمان الالتزام بتطبيق البروتوكولات الوقائية، مثل استمرار تعليق العمل بالبصمة وغيرها من الإجراءات الوقائية المنشورة على موقع المركز الوطني للوقاية من الأمراض ومكافحتها.
ومع اقتراب مواعيد بداية الفصل الدراسي الجديد وما يحمله من مخاطر الانتشار المفتوحة على كل السيناريوهات، بدأت بعض الحكومات الأوروبية تبحث إمكانية تأجيل العودة إلى المدارس أو في خطط لفتحها بشكل تدريجي في ضوء التحذيرات التي صدرت عن الجهات العلمية التي تجمع على استحالة التحكّم بسريان الفيروس في المراكز التعليمية أيّاً كانت التدابير المتخذة لذلك.
وبعد أن تخطّت الإصابات اليومية الجديدة في فرنسا عتبة الخمسة آلاف وتجاوزت الألفين في ألمانيا، كانت إسبانيا تحطّم أرقامها القياسية السابقة، وتسجّل أعلى عدد من الإصابات الجديدة منذ أربعة أشهر معظمها في العاصمة مدريد التي طلبت حكومتها الإقليمية من الأهالي عدم مغادرة المنازل إلا في حالات الضرورة.
وكانت وزارة الصحة الإسبانية قد أفادت عن 8148 إصابة جديدة، منها 3650 في مدريد التي بدأت مستشفياتها تكتظ بمرضى «كوفيد – 19». فيما أعلنت الوكالة الوطنية للأدوية أن عقار «ريمديسيفير»، وهو الوحيد المعتمد رسميّاً لمعالجة فيروس كورونا المستجد، قد نفد مخزونه، وأن شحنات إضافية منه ستصل مطلع الأسبوع المقبل.
وتجدر الإشارة إلى أن المفوضية الأوروبية كانت قد وقّعت عقداً أواخر الشهر الماضي مع إحدى الشركات الأميركية لشراء كميات من هذا العقار تكفي لعلاج 30 ألف مريض. وقال ناطق بلسان المفوضية، أمس، إنه بات الواضح، بعد الانتشار الواسع للوباء منذ مطلع هذا الشهر في بلدان الاتحاد الأوروبي، أن هذه الكميات لن تكون كافية حتى في حال ظهور اللقاح المتوقع في الفصل الأول من العام المقبل. وتجدر الإشارة إلى أن كلفة علاج المريض بالمضاد الفيروسي «ريمديسيفير» تبلغ نحو 2000 يورو.
وفيما تكرّر المفوضية الأوروبية، ومعها جميع حكومات البلدان الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، أن العودة إلى تدابير العزل التام ووقف النشاط الاقتصادي ليست واردة، تواجه الدول صعوبات جمّة في إنجاز الخطط لاستئناف النشاط الدراسي الذي يبدأ في النصف الأول من الشهر المقبل.
وكانت منظمة الصحة العالمية قد دعت في بيان صدر (السبت)، إلى استخدام الكمامات الواقية في المدارس بين الطلاب اعتباراً من سن السادسة، مشيرة إلى أن «استخدامها قد تكون له تبعات سلبية على التعليم، لكن الوضع الوبائي يستدعي مثل هذا الإجراء إلى أن نتوصّل إلى تطوير اللقاح أو إيجاد العلاج الشافي».
وتجدر الإشارة إلى أن المنظمة العالمية كانت قد أوصت في السابق باستخدام الكمامات لمن تجاوزوا الثانية عشرة من العمر، لكن التجارب الأخيرة أظهرت أن الأطفال المصابين بـ«كوفيد – 19» يحملون شحنة فيروسية أكبر من البالغين، رغم أنه ليس من الثابت بعد إذا كانوا أكثر عرضة للإصابة أو للعدوى. ويذكّر خبراء المنظمة بأن التدابير المبكرة التي اتخذت بإقفال المدارس وعزل الأطفال في المنازل حالت حتى الآن دون إجراء التجارب والدراسات الكافية حول إصابات الأطفال ومواصفاتها وقدرتها على السريان.
وقد بيّنت التجارب الأولى التي أجريت على نطاق واسع بين الأطفال في الولايات المتحدة وبريطانيا وكوريا الجنوبية أن الشحنة الفيروسية التي يحملها الأطفال المصابون بـ«كوفيد – 19» تضاعف ثلاث مرات تلك التي يحملها البالغون.
ويقول الباحث في المستشفى العام لولاية ماساتشوستس لايل يونكير، إن «الشحنة الفيروسية التي يحملها الأطفال في بداية المرض، أو عندما يكونون مصابين من غير عوارض خارجية، تزيد بكثير على تلك التي نلاحظها عند البالغين في الإصابات الخطرة بعد أسبوع من بداية المرض».
ويحذّر معظم الباحثين الذين أجروا تجارب مؤخراً على الإصابات بين الأطفال، من أن عوارض هذه الإصابات تتطابق بشكل شبه كلّي مع العوارض الناجمة عن أمراض أخرى لا علاقة لها بـ«كوفيد – 19»، مثل الزكام العادي أو الإنفلونزا أو الإصابات الفيروسية في المعدة. كما أن وجود الحرارة، أو عدمها، لا يؤشر إلى خطورة الإصابة حتى في الحالات التي تكون فيها الشحنة الفيروسية عالية.
ويدعو خبراء منظمة الصحة العالمية إلى التركيز في الأبحاث الجارية على الإصابات بين الأطفال لتحديد قدرتهم على العدوى، وبالتالي على انتشار الفيروس. وتجدر الإشارة إلى أن الأطفال يشكّلون الناقل الرئيسي في حالات الإنفلونزا العادية، الأمر الذي يستدعي تلقيحهم على نطاق واسع حماية لهم ولبقيّة أفراد المجتمع، خصوصاً المسنّين بينهم.
وكانت دراسات أميركية أخرى قد أظهرت أن أطفالاً مصابين دون الخامسة من العمر يحملون شحنة فيروسية أعلى بكثير من البالغين، خصوصاً في الأيام الأولى من الإصابة، لكن حالتهم عموماً أقل خطورة وتدوم لفترة أقصر. ويعتقد الباحثون أن السبب في ذلك مردّه إلى أن كميّة البروتين التي يدخل منها الفيروس إلى الخلايا هي أقلّ عند الأطفال مقارنة بالبالغين. كما بيّنت الدراسات أن نسبة المصابين دون الخامسة عشرة من العمر لا تتعدّى 10 في المائة من الإصابات الإجمالية، وأنها تنخفض مع انخفاض العمر.
المصدر: الشرق الأوسط