موقع تدمر الأثري..جغرافية وتاريخ الموقع

مشهد عام لموقع تدمر الأثري

جغرافية وتاريخ الموقع:

تقع هذه المدينة الأثرية في البادية وسط سورية على ارتفاع يتراوح بين 400 حتى 1400م، وتبعد عن دمشق مسافة 240كم.

شكّل موقع تدمر المتوسط من بادية الشام نواة فريدة لقيام تجمع بشري منذ أقدم العصور، فعلى طول هذه السلسلة الجبلية الشمالية وسلسلة الجبال الممتدة من الجنوب الغربي وصولاً إلى دمشق وجبال لبنان وإلى الشمال الشرقي من العاصمة دمشق ينبع العديد من الينابيع التي تغذي الواحة والقرى. قد استقر الانسان التدمري في هذا المكان حول نبع أفقا الكبريتي المتدفق من نهاية سلسلة الجبال التدمرية الغربية، ليعمّر الصحراء ويقيم فيها حضارة عظيمة.

مشهد عام يظهر المسرح والشارع المستقيم باتجاه قلعة فخر الدين المعني الثاني

تنتشر أطلال تدمر على مساحة تزيد على عشرة كيلومترات مربعة تمثل ما تبقى من المدينة في عهد يمتد بين القرنين الأول والثالث بعد الميلاد ويعد من أكثر عهودها ازدهاراً، فتدمر كانت مدينة للقوافل، هذه القوافل حملت إليها البضائع الثمينة والكثير من العادات والتأثيرات الثقافية والحضارية والإنسانية، فغدت المدينة بذلك، كوعاء حاوي لكل الفنون والثقافات حتى بات نسيجها العمراني ذو طابع خاص يحمل تقاليد الشرق وعراقته وبعض فنون الغرب وجماله، وقد اتبعت المدينة في تخطيطها النظام الروماني – اليوناني السائد آنذاك في تخطيط المدن (المخطط الشطرنجي) وتمتد من نبع أفقا إلى معبد بل، وتشمل الواحة والمدافن خارج الأسوار.

تم اعتماد أسلوب تخطيط المدينة الشطرنجي التي تضم الشارع المستقيم ذو الأعمدة والساحة العامة والمسرح والحمام. ومع بداية القرن الأول بعد الميلاد تم بناء معبد بعل، على أنقاض معبد هيلنستي سابق، كان قائما ً فوق تل أثري يعود للألف الثاني قبل الميلاد. كما تم بناء أربع معابد أخرى هي: معبد نبو، معبد بعل شمين، معبد اللات، ومعبد بعل حامون. في القرن الثالث بعد الميلاد، وفي حوالي العام 300 بعد الميلاد تم إنشاء قصر ديوكليتيان وسور المدينة الذي رُمم خلال فترة جوستنيان في القرن السادس ميلادي.

وعلى بعد 10 كم شمال المدينة توجد المقالع الحجرية التي فرشت المدينة بالأحجار الكلسية القاسية المستخدمة على الأجزاء الظاهرة من الأبنية. أما المقاطع الحجرية من الكلس الطري التي استخدمت في الأساسات، فقد تم الحصول عليها من مقالع جبل الطار (خلف القلعة العربية) على بعد 5 كم شمال غرب المدينة.

مشهد عام يظهر معبد بل وتظهر الواحة في الخلفية
نبع أفقا:

تنبع من سفوح سلسلة الجبال التدمرية العديد من الينابيع التي تروي الواحة ومجموعة من القرى. هذا الوضع المتميز يفسر سبب وجود المستوطنات البشرية منذ فترات ما قبل التاريخ.

توجد على مسافة قريبة من تدمر مجموعة من الكهوف التاريخية في مواقع متعددة تحوي أدلة على أنها كانت مسكونة في فترات تعود للألف السابع قبل الميلاد.

اعتنى التدمريون بالزراعة، فواحة تدمر الغناء تُزرع فيها كافة أنواع المزروعات وأهمها النخيل، كما وأنهم نظموا الأقنية المتطورة وأساليب الري وأقاموا السدود لحجز وجمع المياه وتنظيم توزيعها وفق نظام وترتيب متطور خاص. وحفروا الآبار للشرب والري وشيدوا الأحواض والخزانات. ويوجد في منطقة تدمر الكثير من مواقع ما قبل التاريخ، وقد ورد اسمها في بعض نصوص الألف الثاني قبل الميلاد، وازدهرت المدينة في العهدين الروماني والبيزنطي وخاصة في عهد الملكة زنوبيا القوية وأصبحت مدينة تدمر الأثرية عاصمة المملكة أهم مدن الشرق ونافست روما وسيطرت على المنطقة من حدود آسيا الصغرى في الشمال إلى مصر في الجنوب ومن شمال شرق سورية إلى غرب سورية والبحر الأبيض المتوسط، وقد عرفت الملكة زنوبيا ملكة تدمر بأنها أهم ملكات الشرق وأكثرهن قوة لذلك أطلق عليها (ملكة ملكات الشرق).

التترابيل

واستمرت تدمر كحاضرة من حواضر البادية بعد الفتح الإسلامي إلى أن هدم تيمورلنك مدن الفرات فقل شأنها وعاشت في عزلتها في العصر العثماني يلفها الإهمال والنسيان.

واحة تدمر:

كان هدف التسجيل لمدينة تدمر عام 1937 أن يُربط الموقع الأثري بالواحة ويدل تعبير «الحديقة الأثرية في تدمر» الذي يظهر في قرار التسجيل على هذه الرغبة ويُظهر أن الحماية ليست محددة بالموقع الأثري فقط. تتألف الواحة من أشجار النخيل وتصل مساحتها إلى حوالي 3 آلاف هكتار وقد أعطى الإغريق الذين أسسوا المملكة المقدونية في نهاية القرن الرابع ق.م المدينة اسم بالميرا للدلالة على أشجار النخيل التي تنمو فيها. تتم فيها أيضاً زراعة الزيتون والرمان وأشجار النخيل، وتعتبر واحتها الأكبر بين واحات سورية الثلاث وتعطي صورة أشجار النخيل الكبيرة التي تتمايل مع الهواء على خلفية زرقاء سماوية قيمة سياحية إضافية للموقع.

قلعة فخر الدين المعني الثاني:

تُنسب هذه القلعة للأمير فخر الدين المعني الثاني (القرن 17م) إلا أن طراز عمارتها يدلُّ على أنها تعود للفترة الأيوبية (12-13م). تقوم القلعة فوق رابية صخرية في الشمال الغربي من تدمر بارتفاع (150م) فوق سطح المدينة، للقلعة مخطط شبه منحرف غير منتظم، وهي مبنية بالحجارة الكلسية القاسية المشذبة الوجه، أما جدرانها فهي أسوار عالية حصينة تدعمها أبراج مربعة و مستطيلة عددها (18برج) تتخللها نوافذ بارزة لرمي الحجارة والمواد المشتعلة، وهي مؤلفة من عدة طوابق.

 

مقبرة وادي الملوك
وادي القبور:

كان لكل أسرة تدمرية مدفنها الخاص المحلى بالزخارف الجصية والحجر المنحوت والفريسكات..، ويجهز المدفن عادة ببئر للسقاية والتطهير ويغلق بباب من الحجر المنحوت وعلى ساكفه كتابة تذكر اسم مؤسس المدفن وأسرته وتاريخ التأسيس والمشاركين فيه تتوزع المدافن في الشمال والجنوب الشرقي والجنوب الغربي والغرب على طول الوادي.

 

 

 

المصدر: أرشيف متحف تدمر