مملكة تدمر القديمة: التجارة في تدمر

الجزء العلوي: القافلة تتحرك خلال تدمر . معهد بحوث جيتي 840011

عندما قام كاساس بزيارة تدمر في عام 1785، وفيغنس بعدها بما يقرب من 80 عامًا، اكتشفوا موقعًا قديمًا لا يزال يثير المشاعر بعد مرور أكثر من اثني عشر قرنًا على انهياره. كانت تدمر بمثابة حلقة من الأفكار والابتكارات التي تتدفق من الشرق والغرب الأمر الذي جعلها واحدة من أهم المراكز العالمية في العصور القديمة. ويُشار إليها أحيانًا باسم الباروك اليوناني ، إذ إن الأسلوب الفريد الذي يتسم به فن النحت والعمارة في تدمر يُبرز مزيجًا متنوعًا من التأثيرات.

تشهد الأطلال الضخمة التي تمتد إلى نحو ثلاثة كيلومترات على أهمية تدمر في الفترة من القرن الأول حتى القرن الثالث ميل

منظر شامل من جزئين لشارع الأعمدة، لويس فيغنس، عام 1864. معهد بحوث جيتي

اديًا ، لا سيما توسع المدينة في منتصف القرن الثاني، عندما تم بناء العديد من مبانيها الرائعة. استخدم كلٌّ من كاساس وفيغنس آفاقًا بانورامية التقاط حجم المشهد المُدمَر الصاخب ، وأكملوه بالتفاصيل المعمارية لتسجيل تميُّز هذه الآثار. يوضح هذا القسم العوامل التي ساهمت في زيادة قوة تدمر والسمات البارزة التي تتميز بها ثقافتها الفريدة.

التجارة

الضرائب

استمدت تدمر نموها وأسلوبها الفني الفريد من ازدهارها الاقتصادي باعتبارها مدينة قوافل وموقعها على الحافة الشرقية للإمبراطورية الرومانية. على الرغم من التأثير الروماني منذ عهد طيبريوس (عام 14 حتى 37 ميلاديًا )، ووفقًا لما قاله بلينيوس الأكبر (عام 23 حتى 79 ميلاديًا)، فإن تدمر قد احتلت مكانة سياسية ما بين الإمبراطورية الرومانية والبارثية. ومن المثير للدهشة إن أبيان يُعد المؤلف القديم الوحيد الذي سجل دورها البارز في تجارة القوافل. خلال الكتابة في منتصف القرن الثاني ميلاديًا ، وصف الهجوم على تدمر في عام 41 قبل الميلاد من قِبل قوات ماركوس أنطونيوس (مارك أنتوني) قبل التحول إلى التوتر الحالي : “نظرًا لكونهم تجارًا فقد قاموا بجلب البضائع من [أراضي] الفرس والتخلص منها في أراضي الرومان.”

طرق التجارة القديمة، عام 200 ميلادي تقريبًا

 

التجارة لمسافات بعيدة

الجزء العلوي: القافلة تتحرك خلال تدمر . معهد بحوث جيتي 840011

توضح اللوحة الضرائب المفروضة على بضائع معينةكانت تمر إلى داخل المدينة وخارجها فضلاً عن بعض الخدمات الأخرى. تم نحتها بلغتين إحداهما هي لغة سكان مدينة تدمر المحليين (اللهجة الآرامية) واللغة اليونانية، وتميز لوحة تعريفة البضائع ما بين البضائع التي تُحمل بالجمل، أو الحمار، أو العربة التي يسحبها الحمار . في حين أن العلماء يتناقشون بأمر مراجع اللوحة التذكارية بوجه عام، والتجارة المحلية الحيوية بخلاف التجارة لمسافات بعيدة، الا ان ذكر نبات المُر، والتماثيل البرونزية، والعبيد تؤكد جميعًا بأن البضائع كانت تأتي من أماكن بعيدة. يكمن الدليل الغني الذي يوضح دور تدمر في التجارة لمسافات بعيدة في أكثر من 40 نقشًا يرجع تاريخها إلى الفترة ما بين عام 19 وعام 270 ميلادي التي تُكرم قادة تجارة القوافل والداعمين لها.

توضح هذه النقوش كيف وصلت تدمر إلى ذروة تقدمها في منتصف القرن الثاني بفضل تجارة القوافل العادية شرقًا إلى دورا أوربوس على نهر الفرات، وكانت البضائع تسافر من هناك إلى الخليج العربي، ويمكن شحنها في نهاية المطاف إلى شبه الجزيرة العربية وشمال غرب الهند. كما أظهرت النقوش أيضًا أن تُجَّار تدمر كانوا يقيمون في مدينة سلوقية على نهر دجلة ومدينة فولوغايسيا على منتصف نهر الفرات وميسان على رأس الخليج العربي، أو بعبارة أخرى في بلاد ما بين النهرين، خارج الأراضي الرومانية. على الرغم من عدم وضوح المكان البعيد التي تأتي منه البضائع المتعلقة بالسواحل الهندية الغربية أو التي تصل إلى شرق آسيا، فإن الأجزاء الحريرية التي وُجدت في مقابر تدمر والتي بلغ عددها نحو 2000 جزء تدل على وجود تجارة لمسافات بعيدة في الشرق، في حين أن المئات من التماثيل البرونزية التي زينت المدينة وآثارها تُعد دليلاً واضحًا يربط تدمر بالإمبراطورية الرومانية الغربية.

تعريفة مدينة تدمر (تفاصيل)، مصمم مجهول، عام 137 ميلادي ًا. قطعة حجرية 78.7 × 251.9 بوصة (200 × 640 سم). متحف هيرميتاج في سانت بطرسبرغ، ДВ-4187
تعريفة مدينة تدمر، مصمم مجهول، عام 137 ميلاديً قطعة حجرية 78.7 × 251.9 بوصة (200 × 640 سم). متحف هيرميتاج في سانت بطرسبرغ، ДВ-4187