مكتب للفتاوى والتجنيد في تدمر يتوّج تغلغل إيران في المدينة

بالميرا مونيتور-خاص
منذ عام 2014 الذي شهد بداية مشاركة وتوغل ميليشيا “فاطميون” باعتبارها ذراعاً عسكرية تابعة لـ”الحرس الثوري” الإيراني في سورية، لم تنقطع الجهود الإيرانية عن محاولة السعي لإعادة بناء نفوذها في معظم المناطق السورية التي تتواجد فيها تلك الميليشيا ومنها مدينة تدمر بريف حمص الشرقي.
وقد جاء تأسيس “مكتب للفتاوى” خاص بالميليشيات الإيرانية والعائلات الشيعية المتواجدة في تدمر، على أطراف حي الجمعيات الغربية في مدينة تدمر، قبل أيام، في سياق تأكيد قدرة إيران على اختراق المدن والمجتمعات السورية، واستغلال ذلك في مدّ نفوذها وتوسيع انتشارها تحت عناوين مختلفة. ولم تكن إيران لتتخذ مثل هذه الخطوة لولا نجاح مساعيها في إعادة ترميم حضورها العسكري في مدينة تدمر ومنطقة البادية السورية،
وقادت ميليشيا “فاطميون” جهود تجنيد قيادات وعناصر الدفاع الوطني المتآكلة في صفوف الكتيبة المستحدثة لديها. وبدأت الميليشيات عمليات التجنيد في الوقت الذي كانت مناطق سيطرة الجيش السوري في البادية تخضع لمعارك كر وفر من قبل تنظيم الدولة “داعش. وتمكنت من تجنيد المئات من عناصر الدفاع الوطني مقابل دفع رواتب مغرية تصل إلى 350 ألف ليرة سورية مقابل راتبها السابق الذي كان بحدود 60 ألف ليرة سورية فقط.
وأشرف الحاج علي، إيراني الجنسية، ومقره في مبنى بلدية تدمر، على عمليات التجنيد. ويعتبر هو المؤسس الحقيقي للكتيبة التي حوت عناصر الدفاع الوطني السوري، كما كان المسؤول الفعلي عنها.
كما يمتلك “الحرس الثوري” الإيراني موطئ قدم مهماً له في مطار تدمر الذي بات يخضع لسيطرة مشتركة بين الروس والإيرانيين والجيش السوري. ولطالما استخدمت الميليشيات التابعة لإيران المطار من أجل إرسال تعزيزات إلى جبهات مختلفة. وفي أواخر العام الماضي ذكرت تقارير إعلامية، معلومات عن وصول قوة من ميليشيا “فاطميون” للتمركز في البادية السورية بالقرب من القواعد العسكرية التابعة للتحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش”. 
ومؤخراً تمكن “الحرس الثوري” الإيراني من تجنيد ما يقارب 120 شاباً من أبناء مدينة تدمر وريفها في صفوف ميليشياته، الأمر الذي اعتبره مراقبون بمثابة اختراق نوعي ومن شأنه تشكيل تهديد جدي على مستقبل المدينة.
على هذه الخلفية، جاء تأسيس مكتب الفتاوى الخاص بالميليشيات الإيرانية في مدينة تدمر ليشكل منعطفاً جديداً يشير إلى نجاح إيران في استعادة نفوذها في المنطقة وترميم حضورها العسكري.
وتشمل مهمة “مكتب الفتاوى” تقديم الفتاوى الدينية للعائلات الشيعية التي تقطن منطقة الجمعيات الغربية في مدينة تدمر، إضافة إلى تقديم التفسيرات الشرعية وإلقاء الخطب في المساجد الواقعة ضمن منطقة عمله. ويترأس المكتب شيخ عراقي الجنسية يدعى الحاج عبد الحسن رضا، ويساعده 3 شيوخ سوريين شيعة.
وقد أثارت هذه التطورات مخاوف أهالي المدينة في الداخل والخارج، حيث رأوا فيها تمهيداً لجعل مدينة تدمر التي تعتبر عمق منطقة البادية السورية وريف حمص الشرقي عرضةً للتحول في شكل كامل إلى مستعمرة لـ”الحرس الثوري”.
ويبدو أن قيادة “النظام السوري” قد استشعرت بدورها خطورة افتتاح مكتب ديني في مناطق سيطرتها، لكنها اكتفت بتقديم شكوى إلى الجانب الروسي طالبته من خلالها بضرورة التدخل وتسليمها مقاليد الحكم في المدينة وتنفيذ وعودها حولها، وذلك خشية تحولها إلى بؤرة إيرانية.
وإلى أن تقول روسيا كلمتها حول هذا الموضوع يبدو أن إيران تنجح في التمدد والانتشار وتوسيع نفوذها إلى مناطق سبق أن تلقت فيها صفعات قوية.