أرض مخيم “الركبان” أرض صحراوية قاحة مجاورة لمحافظة المفرق في أقصى الشمال الشرقي للأردن، وتقع في مثلث حدودي بين الأردن وسوريا والعراق.
نشأ هذا المخيم العشوائي نهاية 2015 للاجئين السوريين الذين فرّوا من مناطق الرقة ودير الزور وريف حمص الشرقي بعد سيطرة تنظيم الدولة على مساحات شاسعة شرقي البلاد، وبلغ عدد اللاجئين فيه حينها نحو مئة ألف لاجئ.
تناقص العدد تدريجيا خلال السنوات الماضية، واضطرت أعداد كبيرة لمغادرة المخيم إلى مناطق سيطرة النظام، “رغم ملاحقات النظام لهم”، وإلى الشمال السوري بسبب سوء الحال الذي وصل إليه المخيم، ليصل العدد المتبقي إلى نحو 12 ألفا نهاية عام 2021.
وتخضع المنطقة التي تضم المخيم لجيش مغاوير الثورة المدعوم من التحالف الدولي الذي يتخذ من قاعدة التنف المجاورة للمخيم مقراً له وفصائل أخرى.
خيام وأكواخ
ويقع المخيم وسط أرض قاحلة تحيط بها رمال الصحراء، وتجتاحه العواصف الرملية طوال فترة الصيف، وتغزوه المطار والعواصف في الشتاء، ويسكن اللاجئون في خيام متنقلة لا تقيهم حر الصيف ولا برد الشتاء؛ مما دفع البعض إلى بناء أكواخ طينية أكثر مقاومة لعوامل الطبيعة.
وبسبب الطبيعة الصحراوية للمنطقة، وغياب أبسط مقومات الحياة، انتشرت أمراض ناتجة عن سوء التغذية وضعف الرعاية الصحية، وكان الإسهال الأشد خطرا بعد تسببه في وفاة العديد من الأطفال، وانتشرت أيضا أمراض الرئة والجهاز التنفسي بسبب طبيعة المنطقة التي لا يكاد صيفها يخلو من العواصف الرملية والغبار.
ويعتمد القطاع الطبي داخل المخيم على الأدوية القادمة من مناطق سيطرة النظام التي يتم تهريبها وبيعها بأسعار باهظة الثمن. ويشرف على الحالات المرضية بعض الممرضين والممرضات المتطوعين الذين لم ينهوا دراستهم الجامعية، وذلك بسبب عدم وجود الأطباء.
انقطاع الشريان
وكان الأردن أغلق حدوده مع المخيم إثر هجوم لتنظيم الدولة في يونيو/حزيران 2016، وطال حرس الحدود الأردني.
حوصر مخيم الركبان بعدها وانقطع شريان الاتصال مع الأردن إلا من الحالات الطارئة التي سُمح لبعضها بالدخول للعلاج في النقطة الطبية التي أنشأتها اليونيسيف على الجانب الأردني من المخيم، ومن ثم تتم إعادتهم إلى المخيم بعد تقديم العلاج.
ووفق منظمات حقوقية، فإن إغلاق الحدود الأردنية أعاق إيصال المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة، وحدّ من قدرة المنظمات الإنسانية على العمل هناك. وحسب المفوضية العليا لشؤون اللاجئين، فإن آخر دفعة من المساعدات الجزئية كانت في بداية 2017، ووصلت لـ35 ألف شخص فقط، وأعلن الأردن بعدها وقف المساعدات من أراضيه.
حصار النظام
ومنع النظام السوري وصول منظمات الإغاثة للمخيم عدة مرات، وعند قبوله عرقل دخولها ومنع المواد الأساسية والعلاجية، وتعرضت قوافل المساعدات للسرقة والنهب وهجمات في مناطق سيطرة النظام، مما اضطرها للتوقف.
واستغل بعض تجار الحروب والمستفيدين هذه الحال، ودخلت بعض المواد عن طريق التهريب بأسعار باهظة، دفع ثمنها بعض سكان المخيم ممن استطاعوا الحصول على معونات مالية من أقرباء لهم، ولم تصل هذه المساعدات إلا لعدد محدود، وتوقفت نهائيا منتصف عام 2018.
القاعدة الأميركية البريطانية قرب المخيم
تقع هذه القاعدة في المنطقة القريبة من المخيم في منطقة التنف، والتي تعتبر نقطة عسكرية مهمة للقوات الأميركية والبريطانية في الحرب على تنظيم الدولة، كما أنها تعتبر المسؤولة عن دعم الفصائل التي حاربت التنظيم.
وقدمت هذه القاعدة الدعم العسكري واللوجستي للفصائل، وأُهمل الدعم الإنساني للمخيم طوال السنوات الماضية، حيث حملت منظمة هيومن رايتس ووتش البلدان المعنية بالنزاع -ومنها الولايات المتحدة– المسؤولية عن ضمان سلامة المدنيين في المخيم.
نداءات استغاثة
وخرجت نداءات استغاثة متكررة من المخيم، وأظهرت الحالة المأساوية التي يعيش فيها اللاجئون هناك.
ووثق ناشطون وفاة 17 من الأطفال وكبار السن، مما دفع مؤخرا النشطاء والفعاليات المدنية داخل المخيم لتوجيه رسالة إلى الأمم المتحدة والحكومة الأردنية واليونيسيف، يطالبون فيها بشكل عاجل بالنظر في حال آلاف المدنيين هناك، مع تفاقم الوضع الصحي والمعيشي للمدنيين.
وبدأ الأهالي بمخيم الركبان في منتصف شهر كانون أول من العام المنصرم، اعتصاما مفتوحا طالبوا فيه المجتمع الدولي والقوات المتواجدة في قاعدة التنف بالتحرك لإنقاذ المدنيين والضغط على الحكومة الأردنية والنظام السوري بالتحرك لإدخال المساعدات الإنسانية والطبية.