بالميرا مونيتور-تدمر
كشفت مصادر عدة، عن شكوك جديدة حول وجود عمليات تنقيب سرية في مدينة تدمر، بهدف الوصول إلى آثار يهودية مزعومة في المدينة، وذلك برعاية روسيا التي باتت الآمر الناهي في المدينة، وحولتها إلى مستعمرة صغيرة دون الرجوع إلى نظام بشار الأسد ومسؤوليه.
وقالت المصادر إن الشكوك ثارت حول طبيعة “النشاطات” التي تشهدها تدمر منذ فترة، بعد وصول 3 “خبراء” مجهولي الجنسية والهوية، يتنقلون بتحفظ شديد في جنبات المدينة الأثرية بحماية الجنود الروس، ولا يتواصلون مع أي موظفين سوريين، بل يقتصر تواصلهم وحديثهم مع الروس، عبر مترجم.
وتعمقت هذه الشكوك، بعد التعرف إلى النقاط التي يركز عليها هؤلاء الخبراء في جولاتهم، وينفذون فيها حفريات عميقة، وهي مواقع غالبا ما يثيرها الإسرائيليون في أحاديثهم، مدعين أنها تضم آثارا ونقوشا عبرية، يمكن الاستناد إليها بقوة في إثبات حضورهم التاريخي في المنطقة، حسب تكتيكهم الرائج في التعامل مع مدن مختلفة.

منذ لحظة دخول الروس إلى مدينة تدمر، بعد طرد تنظيم الدولة منها، سارعوا للانتشار في المدينة وتثبيت تواجدهم في مواقعها التاريخية، إلى أن بلغوا مرحلة إقامة مخيم وقاعدة عسكرية لهم داخل المنطقة الأثرية سابقاً.
وفي تدمر، حسب المصادر، عمل الجنود الروس لفترة مع جنود ومرتزقة النظام، كان خلالها الجميع تقريبا شركاء في سرقة وبيع ما يتيسر من قطع و لقى أثرية، لكن هذه الشراكة لم تدم طويلاً، إذ سرعان ما كشف حقيقة نواياهم، فأقصوا النظام ومرتزقته، وتفردوا بالسيطرة على المنطقة الأثرية بتدمر.
ولعل تفرد الروس بالسيطرة على تدمر التاريخية، جاء ليفسر ولو متأخرا سر اندفاع موسكو ومشاركتها بقوة وفعالية غير مسبوقة في استعادة المدينة للمرة الثانية، حيث زجت بقوات برية مؤثرة مصحوبة بغارات كثيفة وعنيفة.
ويمكن لحجم الخسائر التي تكبدتها القوات الروسية على جبهة تدمر، أن تعطي تصورا واضحا عن زخم الاندفاع الروسي، حيث تكبدت موسكو خسائر هي الأفدح، منذ انخراطها الصريح والمباشر في الحرب السورية.
اقرأ أيضاً … وفد إسرائيلي برعاية روسية، يبحث عن آثار يهودية في تدمر
وتقول المصادر إن “الخبراء” يتواصلون مع الجانب الروسي حصرا، وبواسطة مترجم، وإن عملهم ينحصر على الأغلب في البحث عن كتابات ونقوش يهودية، يمكن أن تشكل مستندا لوضع تدمر على قائمة المدن اليهودية، حسب ما يسعون إليه.
ويركز “الخبراء” نشاطهم، على مناطق: قوس النصر، معبد بل، معبد بعلشمين، معسكر دقلوسيان.. حيث أحدثوا في بعضها حفريات كبيرة، بهدف الوصول إلى طبقات أعمق لم يتم بلوغها من قبل البعثات الأثرية المتعاقبة.
واللافت في القضية، أن التدمير المتعمد الذي تعرضت له المواقع الثلاثة (قوس النصر، معبد بل، معبد بعشامين) من قبل تنظيم الدول، ربما يكون مخططا له، لتمهيد الطريق أمام حفريات “الخبراء” الجدد المجهولين، إذ إن الحفر بالغ العمق تحت هذه الآثار قبل تدميرها، كان على الأرجح سيتسبب في تضررها، وهو ما لا تجرؤ عليه أي جهة في ظل قيام الآثار بشكلها المعروف، بينما يستطيعه أي طرف مهيمن على المنطقة بعد تدمير الآثار، بحجة أنه يرممها مثلا.
اقرأ أيضاً … آثار تدمر، ماذا عنها بعد سيطرة النظام والروس على المدينة
وفي حديث مع عالم الآثار الدكتور “شيخموس علي” الذي يرأس “جمعية حماية الآثار السورية”، وسؤاله عما إذا كانت الأنباء التي تتحدث حول مساع للتنقيب عن آثار “يهودية” في تدمر، يمكن أن تكون مفاجأة له، من وجهة نظره كباحث مختص في آثار الشرق القديم، فأجاب بأن تدمر في ظل النظام والتنظيم خلال السنوات الأخيرة ستبقى معرضة للنهب والتنقيب والحفر من كل لصوص الآثار، ومن مختلف الاتجاهات والجنسيات، مؤكدا أن المدينة باتت تحت سيطرة الروس المطلقة، وهم من يعطون الإذن بالتحرك داخلها.
وحول احتمالية وجود آثار “عبرية” في تدمر، أبان “شيخموس علي” أن كل الحفريات التي شهدتها تدمر والدراسات التي أطلقت حولها خلال قرن من الزمن، لم تثبت وجود أي أثر يدل على ذلك، منوها في الوقت نفسه بأن “دورا أوربوس” التي كانت تابعة لمملكة تدمر، احتضنت جالية يهودية خلفت آثارا من بينها كنيس تم نقل محتوياته ورسومه إلى المتحف الوطني في دمشق.
واستدرك العالم المهتم بحماية الآثار السورية مشددا على أن هوية تدمر واضحة، ولا يمكن أن تتغير بمجرد العثور على وثيقة أو نقش بسيط، فيما لو تم العثور على شيء جديد كليا نتيجة الحفريات في سويات أعمق، واصفا تدمر بأنه محيط لا تؤثر فيه قشة أو مجموعة قشات.
اقرأ أيضاً … حفريات وتنقيبات سرية في الحرم الأثري بتدمر