مستغلاً وعورة المنطقة الصحراوية على الحدود مع العراق
كثف تنظيم “داعش” في الأسابيع الأخيرة الماضية، هجماته ضد مواقع قوات النظام السوري وحلفائه في البادية السورية، في عمليات متتالية يرجح محللون أن تكون غيضاً من فيض مما يخطط له عناصر التنظيم في الفترة المقبلة.
برغم الخسائر الميدانية الكبرى التي مني بها التنظيم في سوريا والعراق، لا يزال التنظيم المتطرف قادراً على التسلل وتوجيه ضربات موجعة لخصومه. وأسفرت هجمات مفاجئة نفذها منذ مطلع الشهر الحالي في البادية السورية عن مقتل العشرات من قوات النظام والمسلحين الموالين لها.
ويقول الباحث نوار أوليفر من مركز عمران للدراسات، ومقره اسطنبول، لوكالة فرانس برس “عندما أعلن النظام السوري أو الحكومة العراقية أنهما تمكنا من دحر التنظيم، لم تكن تلك التصريحات دقيقة”.
ويوضح أن النظام السوري بدعم من حلفائه “تمكن من طرد التنظيم من مدينة دير الزور والبوكمال والميادين وتدمر، لكنه لم يتمكن من القضاء عليه في البادية، وهذه هي مشكلته الرئيسية اليوم”.
وتُعد المناطق الصحراوية الأكثر مناسبة للجهاديين للتواري عن الأنظار وشن هجماتهم، بعدما باتوا يسيطرون على نحو ثلاثة في المئة من الأراضي السورية فقط.
ويتبع تنظيم الدولة الاسلامية بشكل أساسي تكتيك التسلل ضد مواقع قوات النظام وحلفائها، قبل أن يشن عمليات انتحارية إن كان عبر العربات المفخخة أو “الانغماسيين”. وأحياناً كثيرة، يشن هجمات متوازية على أكثر من جبهة لتشتيت خصومه.
ووثق المرصد السوري لحقوق الانسان الأسبوع الماضي مقتل العشرات من قوات النظام وحلفائها بينهم مقاتلون روس وايرانيون، جراء هجمات متفرقة للتنظيم في البادية وخصوصاً جنوب مدينتي البوكمال والميادين في ريف دير الزور الجنوبي الشرقي.
وينظر مقاتلو التنظيم الى هذه الهجمات على أنها “انتصار”، بينما يعملون على التخطيط لهجمات اخرى في الفترة المقبلة، وفق أوليفر الذي يقول “ستتواصل الهجمات انطلاقاً من الصحراء لتستهدف حقول وأنابيب النفط والطرق الرئيسية وحتى المعابر الحدودية، ما سيسبب صداعاً هائلاً لأي حكومة”.
نقاط ضعف
في شرق سوريا، يتواجد التنظيم المتطرف في البادية السورية في جيب بين مدينة تدمر الأثرية (وسط) وجنوب البوكمال. كما في منطقة محدودة على الجهة المقابلة للبوكمال عند الضفة الشرقية لنهر الفرات الذي يقسم محافظة دير الزور إلى قسمين.
ويتوقع الباحث في معهد التحرير لسياسات الشرق الأوسط حسن حسن أن “يبقى شرق سوريا وشمال شرق العراق نقاط ضعف البلدين وحيث سيواصل التنظيم نشاطه لسنوات عدة مقبلة”.
ويقول لفرانس برس “يعرف التنظيم المنطقة جيداً وقد أنشأ بنية تحتية لتمرده وسط الصحراء والوديان وفي المناطق الريفية الممتدة من كركوك وديالى في العراق الى منطقة القلمون” في ريف دمشق.
ولا يستطيع خصوم التنظيم في البلدين، وفق حسن، “إدارة وضمان أمن هذه المناطق بطريقة مستدامة”.
ولا يستبعد الناشط عمر أبو ليلى، المتحدر من دير الزور وجود تنسيق بين مقاتلي التنظيم المتطرف على طرفي الحدود عبر “حركتهم الخفية في الصحراء وربما من خلال تنكرهم كسائقين محليين”.
في سوريا، يشرح مدير المرصد السوري رامي عبد الرحمن لفرانس برس أن “مقاتلي التنظيم أكثر دراية بطبيعة البادية الجغرافية وتلالها من قوات النظام المنتشرة في نقاط متباعدة، وهو ما يجعل الاخيرة تعتمد بالدرجة الأولى على سلاح الجو في مواجهة التنظيم”.