لماذا يجتمعون في لوزان !!!

لا يكاد السوريون يحصون عدد المرات التي اجتمع فيها كيري ولافروف أو أجروا اتصالات هاتفية فيما بينهما بخصوص الملف السوري تحديداً.

 فربما يدخل وزيرا خارجية أمريكا وروسيا موسوعة غينيس بكثافة الاتصال بينهما كدولتين عظميين خلال فترة قصيرة نسبياً وبدون تحقيق أي نتائج تذكر.

يأتي اجتماع لوزان بعد جلسة مجلس الأمن الأخيرة والتي كانت عاصفة. حيث فشل مشروع القرار الفرنسي عبر الفيتو الروسي بينما فشل المشروع الروسي بسبب معارضة أغلبية أعضاء المجلس.

وشهدت جلسة مجلس الأمن تحولاً واضحاً في طريقة تعامل دول أوروبا الغربية وخاصة فرنسا وبريطانيا مع روسيا من ناحية اعتبارها شريكة لنظام الأسد فيما يحصل من جرائم ضد الشعب السوري. بينما كانت الولايات المتحدة قد علقت تعاونها مع روسيا بخصوص الملف السوري.

 ما الذي تغير إذًا ليقوم كيري بالدعوة لعقد هذا الاجتماع في لوزان والذي يضم بالإضافة للولايات المتحدة كلًا من روسيا وإيران من جهة والسعودية وقطر وتركيا في الجهة المقابلة؟. فالاجتماع يضم الأطراف المؤثرة بشكل مباشر في المشهد السوري.

السياسة الخارجية الأمريكية في عهد أوباما والوزير كيري تعمل بطريقة غير مفهومة ولا مقبولة لا من الدول التي تدعي الولايات المتحدة مساندتها والوقوف بجانبها، ولا حتى من دوائر صناعة القرار الأخرى في أمريكا، حيث وصل الخلاف بين وزارة الخارجية والبنتاغون لمرحلة علنية وغير مسبوقة، والخلاف ناجم عن تردد الخارجية في اتخاذ موقف قوي وحاسم ضد التمدد الروسي في سورية ووقوعها في فخ المراوغة الذي أتقنه الروس هذه المرة.

يتفتق ذهن كيري مع كل اجتماع أو مؤتمر عن طريقة جديدة. ويبدو أنه يظن هذه المرة أن اجتماع الأطراف الفاعلة بشكل مباشر يمكن أن يؤدي لاتفاق فيما بينها تستطيع فرضه وتطبيقه بحكم نفوذها. بينما من تحليل بسيط تظهر رهانات كيري الضعيفة بل والخاطئة.

بتحليل بسيط وسريع نجد ضعف الموقف الأمريكي والدول المتحالفة معه. فتركيا باتت محكومة بتفاهمات مع روسيا تقيد حركتها ورغم تواجد قواتها في مناطق ضمن الأراضي السورية على الحدود إلا أن ذلك حصل بموافقة روسية وضمن أهداف محدودة تضمن من خلالها تركيا مصالحها القومية مع غضها الطرف عما تفعله روسيا في سورية. وأما قطر فإنها باتت خارج الملف السوري بعد عملية التغيير الشاملة فيها والتي طالت أمير قطر نفسه ليصبح دورها ضعيفاً ومحدوداً وغير مؤثر على المعارضة السياسية والفصائل العسكرية كما كان من قبل. من جهتها فإن السعودية تسعى لمواجهة التمدد الإيراني الخطير والمهدد لأمنها القومي وهي تبدو منهكة، حيث تقاتل في جبهة متعددة أهمها اليمن وسورية وفي غياب حليف قوي تستند إليه، بات نفوذها ينحسر في المنطقة مع فشلها في تشكيل حلف واسع يضم الخليج ومصر وتركيا بعد تلقيها ضربة موجعة من السيسي.

في الجهة المقابلة فإن الروس يضمنون قوتهم من خلال تواجدهم العسكري القوي والنوعي والذي قاموا بتحويله لدائم. وباتوا هم الذين يسيرون دفة الحكم في سورية كقوة احتلال وهم يتحكمون بمفردات القرار السياسي في البلاد. بينما تعتمد إيران على تواجد ميلشياوي طائفي شيعي قوي في الميدان. الأمر الذي يجعل الكفة تميل لصالح روسيا وحلفائها في سورية.

لماذا دعا كيري لاجتماع لوزان وهو يعرف مسبقاً ضعف الموقف الأمريكي أمام الروس ؟ ولماذا لم يقم بدعوة فرنسا وبريطانيا لمؤازرته ؟

في العادة كان كيري يعمل على الدوام لاحتواء المواقف الأوروبية عندما تزداد حدتها وربما لا يزال يعمل بنفس الطريقة ويقوم بمناورة جديدة. ولكن هذه المرة خذله لافروف ولم يساعده على اتقان المشهد، حيث سارع لإعلان فشل الاجتماع قبل انعقاده ودعا لعدم ترقب صدور أي شيء إيجابي منه.

ربما يكون اجتماع لوزان هذه المرة مناورة باتجاه صناعة القرار في أمريكا. وذلك لإفشال أي توجه لدى البنتاغون للقيام بتصعيد عسكري خطير ضد النظام وسيؤدي ذلك للاصطدام مع روسيا بطبيعة الحال. وما يعزز هذا الاحتمال توقيت الاجتماع وعدم وجود أجندة خاصة به والأهم عدم توقع أي اتفاقات أو تفاهمات من خلاله. ويبدو لوزان والحالة هذه حلقة صغيرة لا أكثر من مسلسل التواطؤ الدولي ضد الشعب السوري.

 

عماد غليون – مرآة سوريا 


تعليق