تمكن ياسر العلي (اسم مستعار)، وهو من سكان مخيم الركبان على الحدود السورية- الأردنية، من إعادة زوجته ومولوده الجديد بعد اجتياز مخاطر الذهاب لمدينة حمص لإجراء عملية ولادة قيصرية بسبب انعدام الخدمات الطبية في المخيم.
يقول إنه دفع أكثر من 1200 دولار أميركي لمهربين مرتبطين مع ضابط في القوات الحكومية لتأمين الوصول للمشفى الخاص والعودة.
ولا يتوفر طبيب واحد في مخيم الركبان في الصحراء السورية قرب الحدود العراقية، حيث يعيش أكثر من 8 آلاف سوري في ظروف إنسانية صعبة.
ومنذ منتصف شهر كانون الأول من العام المنصرم، بدأ سكان مخيم الركبان اعتصاماً مفتوحاً احتجاجاً على الأوضاع المعيشية مطالبين الأمم المتحدة والتحالف الدولي بمعاملتهم مثل منطقة شرق الفرات.
لكن عاملين طبيين في المخيم قالوا إن الوضع الطبي في المخيم لا يقل سوءاً عن الوضع الإنساني والمعيشي، في ظل عدم توفر أي طبيب.
نقطتان طبيتان بلا معدات
يقول “العلي” إنه نقل زوجته عبر مرحلتين، أولاها من المخيم إلى معبر جليغم الفاصل بين “منطقة 55” التي تسيطر عليها قوات التحالف الدولي التي تضم المخيم ومناطق سيطرة الحكومة السورية.
والثانية للوصول إلى مدينة حمص حيث دفع تكلفة “باهظة” في مشفى خاص.
ويعلل الرجل عدم التوجه لمشفى حكومي “خوفاً من الملاحقة من جانب الأجهزة الأمنية”.
وقال أحد الممرضين في المخيم، إن نقطتين طبيتين تقدمات خدمات محدودة للمرضى في المخيم، وتستقبلان نحو 120 مراجع يومياً.
وأضاف أن نقطة “تدمر” الطبية تختص بالتوليد الطبيعي ومراقبة الحمل لدى النساء، بينما يقتصر عمل نقطة “شام” الطبية على خدمات إسعافية وضرورية.
وأشار إلى أن النقطتين الطبيتين تفتقدان لأي من وسائل التشخيص مثل المخبر والتصوير الشعاعي، ولا تتوفر فيهما أجهزة وأدوات طبية ما عدا جهاز قديم للتصوير (إيكو) وسماعة طبية وجهاز لفحص ضغط الدم.
وعام 2016، أنشأت منظمة “أطباء بلا حدود” نقطة طبية عملت لستة أشهر.
وكان الأطباء يدخلون من الأراضي الأردنية للمخيم ويغادرونه مع انتهاء الدوام في الثانية ظهراً.
وأواخر العام 2017، افتتحت منظمة اليونيسيف نقطة طبية واستمرت بتقديم الخدمات الطبية الضرورية حتى آذار/ مارس عام 2020.
وكان أبرز ما يقدمه مركز “اليونيسيف” هو إيصال الحالات الحرجة إلى المشافي الأردنية لتلقي العلاج والرعاية.
لكن “اليونيسيف” أغلقت نقطتها بعد تفشي وباء كوفيد -19 وإغلاق الحدود السورية-الأردنية بشكل كامل.
لا إصابات مسجلة لكورونا
وتعتمد النقطتان الطبيتان على ممرضين وقابلات قانونيات ومتدربين على أعمال التمريض.
ولم يتم تأكيد أي إصابة بفيروس كورونا لعدم توفر مختبر لإجراء الفحص، كما لم يتلقَّ أي من السكان أي تطعيم مضاد للفيروس.
كما يقول ممرضون إن نسبة الإصابات بالتهاب المسالك البولية مرتفعة في المخيم بسبب احتواء مياه الشرب على رمال وشوائب.
ولعدم توفر كهرباء في المخيم، يعتمد العاملون في المركزين الطبيين على ألواح الطاقة الشمسية من أجل تشغيل جهاز التصوير الإيكو وشحن أجهزة قياس ضغط الدم.
وقال عامل في نقطة تدمر الطبية، إن أصنافاً من الأدوية تصل إلى المخيم عبر مهربين يجلبونها من السويداء جنوبي سوريا.
وأضاف أن أسعار الأدوية تزيد أسعارها بنسبة لا تقل عن 300 في المائة بسبب المبالغ والإتاوات المدفوعة للمهربين لإيصالها.
وأشار إلى أن شبكة المهربين مرتبطة بضباط في القوات الحكومية التي تحاصر المخيم.