الفقر والعوز.. الجهل في بعض الأحيان.. الحلم في الحصول على مستقبل أفضل وتأمين المال، أمور قد تجتمع جميعها عند الشاب السوري، مشكلةً صيداً ثميناً لشبكات النصب الالكتروني عبر “الإيميلات”.
قصص كثيرة وصلت حول هذه القضية، متنوعةً بين إرسال عروض عمل وهمية مع كبرى الشركات، ومنح دراسية في “جامعات مرموقة”، والحصول على مبلغ مالي مقابل ذلك.. لكن إحدى تلك الحالات لم تكن عادية، فالمرسل قد يدعى أنه سوري قد يكون “امرأة ولديها أطفال وزجها توفي في الحرب، ولديها أموال في بلد ما وتريد تحصيلها” وهو ما لم يكن يحدث في السابق، حيث كانت تصل هذه الرسائل بأسماء غير عربية.
سنعرض نموذجاً من الرسائل، إضافةً إلى نصائح لتجنب الوقوع في الشرك.
عروض خيالية
العروض الخيالية تكون دائماً لفرص عمل في شركات عالمية، تبث من خلال البريد الإلكتروني، وتكون الفرص في إحدى الدول الإفريقية، ومن يطلع على العقد الذي وصل إلى بريد معد التحقيق يجد أنه للوهلة الأولى صحيح كونه يحمل شعار شركة ومختوم وموقع من مدير الشركة، ويتضمن كل الأمور التي يجب أن توجد فيه من “راتب وحوافز وسكن وبدل طيران ومواصلات وما إلى ذلك”، والراتب من خلال العقد المرسل لا يقل عن 6 آلاف دولار أميركي.
قام معد التحقيق بإرسال موافقة على العمل، ليرد عليه بعد عدة دقائق من خلال البريد نفسه، بأنه يجب تحويل مبلغ مالي لحساب الشركة للبدء بأوراق التأمين الصحي والفيزا، على أن تسترجع هذه الأموال عند البدء في العمل، وبهذه الطريقة تتم عملية النصب.
النصب “التعليمي”
صعوبة إكمال التعليم وتوجه الطلبة السوريين سواء داخل سوريا أو ممن لجؤوا إلى دول الجوار للحصول على فرص تعليمية، شكلت فرصة للشبكات ذاتها للحصول على المزيد من الأموال واصطياد الطلبة، حيث ترسل منح جامعية من دول بما فيها أميركا و بريطـانيــا و كندا و استـراليــا، بطريقة محترفة تتضمن اسم الكلية أو الجامعة التي عادةً ما تكون شهيرة، يضاف إليها كلمات تحمل رمزية مصداقية، “مثل كلية ولاية كاليفورنيا الدولية”، وذلك بهدف جذب اهتمام الطلاب، ودفعهم للالتحاق بها.
ولكن بحسب العديد من الطلبة الذي تحدث معهم موقع الحل، فقد تعرضوا لمثل هذه الرسائل، وكثيراً ما يقع بعض الطلاب ضحية لمثل هذه الجهات التي تبيع الوهم، معللين ذلك بأن هذه الرسائل قد تشكل خيط أمل، أو كما يقال “الغريق يتعلق بقشة”.
رسائل باللغة العربية
“السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، أخي أرسل هذا الإيميل وأنا لا أعلم من مستلمه ولكن ما عانيته في حياتي وفي هذه الفترة جعلني أتعلق بأي أمل في هذه الحياة، وأملي في إنسان يخاف الله ويتقيه ويعلم أن ما عانيته يكفي. وأني لا أستطيع أن اتحمل المزيد من الظلم. أخي إذا كنت تعلم في نفسك أنك تستطيع أن تساعدني وتتقي الله فيني ارجو ان تتواصل معي لأعرفك على نفسي. انا لا أرغب في المساعدة المالية فأرجو ان لا تفهم هذه الرسالة بشكل خاطئ أنا بحاجة فقط إلى إنسان تقي يقوم بمساعدتي لاسترجاع حياتي”.
هذه إحدى الرسائل الالكتروني التي كانت في المعتاد تستخدم أسماء متداولة في دول إفريقية، لكن بدأ استخدام هذه الرسائل بإرفاقها بأسماء شخصيات سورية، حيث تستغل الجهة المرسلة الأوضاع في سوريا.
رد معد التحقيق على الرسالة التي وصلت إلى بريده الالكتروني بالموافقة على المساعدة، بجواب بسيط وهو “وعليكم السلام، كيف يمكن أن أساعدك؟”، ليصل الرد بعد ساعات كالتالي دون أي تعديل: “اتمنى ان يجدك بخير وبتشكر رد، بدي اعرض عليك تعاون اقراء ايميلي جيدا وبعد توفيق الله بده غير حياتك وحياتي اول شي ما بدي كثير تستغرب اني عم بطلب هيك طلب عن طريق الانترنت وانا بعرف ان الانترنت عالم فيك تلاقي فيه مختلف انواع البشر صادق وكاذب، ولكن بذات الوقت ممكن هاد طريقة وتسخير من الله انه يوفق الطيبين لبعض وفيك تعتبره هو توفيق من الله لتغيير حياتك ما بتعرف شو السبب والتفكير بالأسباب مطلوب لان مانه هين ابدا اثنين يلتقو سوا، اخي ان سيده ارملة واجيت على امريكا وطلبت لجوء سياسي وبسبب اني سوريه وما كان معي اي اوراق ثبوتيه تقرر ضمي لفئية الاجئيين لاسباب كثيره اغلبها اسباب امنية، في الوقت يلي بملك فيه امكانية انتقالي وعيشي بااي بلد من اختياري بالوضع الذي بدي، ولكن ما يقديدني شي واحد وهو الحرية وطلب اللجوء، لا استطيع انجاز ماسا اطرحه عليك بنفسي لابد من مساعدة شخص ويشترط ان يكون هذا الشخص لايمت لي بصلة تذكر ويجب ان يكون على قدر من العلم وبوضع اجتماعي جيد ومالي جيد وله قدره على التعامل بشكل رسمي مع الشركات فيك تقول متعلم ومثقف، ما اود طرحة عليه هو تعاون بان تساعدني وتتكفل وتتولى عملية استخراج هذه الاموال كوكيل لي وبنسبة من المبلغ، وان تتمكن من استقبال هذه الاموال ببلدك ويكون لديك القدره على الاحتفاظ بها كخطوه اولى ومن بعد نناقش الخطوه الثانية بشكل منفصل، اذا كان عندك اي اهتمام بمثل هاد التعاون ارجوانك تراسلني وعن جد بدي كون كثير سعيدة اذا كان عندك استفسار بخصوص الموضوع بشكل عملي، في اانتظار ردك”.
وبعد موافقة معد التحقيق على المساعدة، تم الطلب منه إرسال صورة عن “جواز السفر”، ومبلغ 300 دولار إلى الشركة الوسيطة التي ستتكفل بعملية إيصال الأموال، لتتضح هنا عملية النصب.
ويستخدم المحتالون مجموعة كبيرة من الحيل تشترك جميعها في أمر واحد، وهو الترويج للحصول على المال بطريقة سهلة.
نصائح
الخبير والاستشاري في العلاقات العامة والاعلام الجديد بسام شحادات، وفي تعليقه على الموضوع قال، “إن عمليات النصب عبر الانترنت ليست حديثة العهد، سابقاً سجلت العديد من الحالات في المناطق التي تسجل نزاعات أو حروب من خلال تمرير رسائل الكترونية، عبر أشخاص يدعون أنهم موجودون في جنوب أفريقيا حول سيناريو يقول إن هناك تاجر ألماس توفي وتريد زوجته أن تسحب أمواله ويتم الأمر للحصول على المعلومات البنكية، من أجل سرقتها وسرقة الأموال وكذلك تكرر الأمر حين نشبت حرب العراق، وحالياً الآن في سوريا تستغل الحرب لتمرير مثل هذه الرسائل”.
وأضاف شحادات في تصريح لموقع الحل السوري، “إن من يقف وراء مرسلي هذه الرسائل لوبيات تعمل بهذه الأساليب لجمع الأموال مستهدفةً شرائح واسعة، خصوصاً أن تكاليف هذا ليست مرتفعة بالنسبة للشركة المرسلة”.
وقدم شحادات نصائح عدة بخصوص مثل هذه الطرق، ومنها التأكد من المرسل الرسالة، إن كانت شركة رسمية أو من ايميل يستخدم المخدمات العادية (ياهو – هوتميل – جيمل)، وكذلك إن وصل إلى “البريد غير الموثوق به سبام”.
وتابع الخبير، “يجب دائماً التعامل بحذر وعدم إرسال المعلومات الشخصية أو الصور الشخصية أو رقم البطاقة الوطنية، أو المعلومات بنكية، والتي يمكن النصب عبر استغلال الاسم، أو التهديد”.
وحذر شحادات أيضاً، “من المرفقات التي توجد في البريد المرسل، كونها فيروسات لسرقة المعلومات الشخصية، لذلك يجب عدم فتحها، وإن أردنا تصفح محتواها استعمال برامج الحماية والتأكد من الروابط الموجودة في الإيميل”.
وختم شحادات حديثه قائلاً: “إن الملاحقات القانونية في مثل هذا الأمر صعبة جداً وغير مجدية، وفي مثل هذه الحالات القانون لا يحمي المغفلين”.
محمد عوض – الحل السوري