في سوريا المُستباحة؛ وبعد أن أعاد معممو قم القادمون من القرون الوسطى البلاد إلى الزمن الذي يعيشون، يُقررون اليوم العبث بتاريخها ويقترحون مشاريع بحجة إعادة إعمار الأوابد التاريخية، كهدفٍ ظاهر، لكن ما خفي دائماً يكون هو الأعظم.
روسيا التي سيطرت على غالبية الموارد الطبيعية وحتى الاقتصادية في سوريا، والتي تُشكل عماد اقتصاد سوريا حاضراً ومُستقبلاً، مع رفضها المطلق إشراك النظام الايراني بهذه الكعكة، ليُقرر مُعمّمو إيران النبش بالتاريخ والبحث عن الآثار علّهم يُعوِّضون شيئاً مما خسروه في هذه المعركة، ولو بتمويل الميليشيات التي تُقاتل نيابة عن نظام الأسد وعنهم.
عروض إيرانية
آخر ما رشح عن مُحاولات طهران المحمومة السيطرة على تاريخ سوريا هو تصريح معاون وزير السياحة والتراث الإيراني علي أصغر شالبافيان تأكيده أنّ نظامه مستعد لإعادة ترميم المواقع السياحية في سوريا.
وكالة أنباء إيرنا الرسمية قالت إنّ شالبافيان أعرب عن استعداد نظامه المُشاركة في إعادة إعمار وترميم المناطق الأثرية والسياحية في سوريا، إضافة إلى الاستثمار في السياحة عن طريق بناء الفنادق وتجهيز إمكانيات الإقامة الجديدة في سوريا.
صحفي المختص بحماية الآثار قال: إنّ الهدف الأساسي لإيران هو تعزيز تغلغلها داخل المدن والمناطق السورية، حيث تقوم ميليشياتها بعمليّات الاتجار بالآثار، واليوم تريد طهران أن تضع يدها على حلب القديمة، وتسعى للتدخل والسيطرة في قلب حلب القديمة وباقي المناطق، مُشيراً إلى أنّه وعلى الأغلب فإنّ هدف طهران الآن هو حلب القديمة والسبب وجود أكثر من منطقة تعرضت للقصف والتدمير.
أكثر من ذلك؛ تُريد أن تستغل تهجير سُكان حلب القديمة وحمص القديمة وتدمر لتضع يدها على هذه المدن عبر ملف الآثار بتسهيل من فساد مديرية الآثار.
ويرى الصحفي أنّ ميليشيات إيران الآن موجودة في مدينة تدمر وتسطير على المدينة، ولا تسمح لأهل المدينة بالعودة إليها، كما أنّ ميليشيات إيران تنتشر في دمشق القديمة، والهدف بالطبع ليس الترميم بل السيطرة على هذه المناطق.. ومدُّ نفوذها إليها.. وخصوصاً أن إدارة الآثار تتبع لأسماء الأسد، يقول: “من يدير مديرية الآثار هم من التابعين لأسماء الأسد، واشتهروا سابقا بقضايا بيع مواقع أثرية والتنازل عنها”.
إيران تريد السيطرة والتاسع وإجراء التغير في البنية الديموغرافية والثقافية للمدن عبر ملف الآثار مُستغلّةً غياب أي مشروع وطني للحفاظ على الهوية الثقافية، ناهيك عن تنازل مديرية الآثار عن دورها لحساب أسماء الأسد وأتباعها المدعومين من إيران.
وأشار إلى أنّ الميليشيات الإيرانية وحزب الله تنتشر في المناطق التاريخية المسيحية أيضاً، حيث قامت تلك الميليشيا وبالتعاون مع مدير آثار نظام أسد بسرقة مدينة معلولا الأثرية ذات الأهمية الكبرى لأتباع الديانة المسيحية.
نظام مُتواطئ
واستغرب صمت مديرية الآثار التابعة لنظام الأسد على تحويل قلعة الرحبة الأثرية بمحافظة دير الزور إلى مستودعات أسلحة.
وختم بأنّ إيران تتعمد قصف الأبنية ذات الرمزية الدينية نتيجة أحقاد تاريخية كالجامع العمري الأثري في درعا، وضريح عمر بن عبد العزيز، والمسجد الأموي بحلب، وجامع خالد بن الوليد بحمص، فيما يُمارس نظام الأسد سياسة الصمت تجاه كل تلك الجرائم.
تقارير صحفية كشفت أنّ الأيادي الإيرانية في سوريا امتدت إلى التنقيب عن آثار سوريا ولا سيما المنطقة الجنوبية وسرقتها وتهريبها، وقالت منصة SY24 إنّ التنقيب يتم بشكل مستمر عن طريق خبراء من خارج سوريا يعملون لصالح الميليشيات الإيرانية وبحماية وتأمين كامل من قوات الفرقة الرابعة التي يديرها ماهر الأسد شقيق رئيس نظام الأسد، وهي المقربة بشكل كبير من إيران وميليشياتها.
وأحصى الموقع وصول إيران إلى 16 موقعا أثريا في محافظة درعا وحدها، حيث تقوم ميليشياتها بالتنقيب عن الآثار فيها، وأكد الموقع أنه يتم إخراج القطع الأثرية بسرية بالغة ولا يتمكن أحد من النظر إلى نوعية القطع المستخرجة، حيث تتم بسرية بالغة وتشديد وحراسة أمنية كبيرة، ليتم تهريبها فيما بعد إلى خارج سوريا.
شمالاً؛ وفي محافظة حلب قال الموقع قامت لجان آثار إيرانية بعمليات التنقيب عن الآثار في أحياء حلب القديمة، إثرَ اتفاق غير معلن بين مديرية الآثار والمتاحف بحلب و”منظمة التراث الثقافي” الإيرانية، أما في مدينة الرصافة شمال شرق سوريا، أكدت المنصة أنّ منظمة إيرانية تدعى “منظمة خلاني الثقافية”، تقوم بإدارة عمليات البحث في المنطقة، وتشرف على تأمين أي قطعة أثرية يتم العثور عليها، حيث تقوم بنقل الآثار إلى إيران عبر الطريق البري الذي تشرف عليه ابتداء من دير الزور مروراً بالعراق وصولاً إلى طهران.
وذكرت مصادرنا المحلية، أنّ ميليشيا الحرس الثوري الإيراني استخرجت كميات من الآثار من مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، حيث تستعين الميليشيا في عمليات الحفر والتنقيب عن الآثار، بـ 3 خبراء آثار عراقيين وعمال حفر محليين وآليات متوسطة، حيث نقل الحرس الثوري تحفاً أثرية وتماثيل ومجسمات ذهبية وألواحاً حجرية تحمل نقوشاً مسمارية وغيرها إلى العراق.