فسيفساء كاسيوبيا التدمرية رموز تجسد عقائد

بالميرا مونيتور- المؤرخ : تيسير خلف
يخطئ من يعتقد أن لوحات الفسيفساء أو الزخارف والتماثيل النافرة هي مجرد عناصر تزيينية في المعابد. إنها تجسيد للمعتقدات عن طريق لغة الرموز.
هذه لوحية فسيفساء كاسيوبيا من تدمر .. تجسّد العقيدة الأفلاطونية الحديثة حول مركزية الإله الواحد الخالق، هذه العقيدة التي ازدهرت في تدمر ابان فترة الملوك زنوبيا وأذينة.
ومن الثابت أن “لونجينوس الحمصي” الذي كان ينتمي إلى هذه الفلسفة، عاش في بلاط زنوبيا وكان معلمها.. وثمة روايات عديدة عن زيارة أفلوطين نفسه لبلاط زنوبيا وكذلك تلميذه “بورفيريوس (مالك)”.
“كاسيوبيا” في الأساطير اليونانية أميرة مهزومة.. أما في الفسيفساء التدمرية فهي رمز للجمال تشبه “أفروديت” وتبدو منتصرة على النيريدات.
العناصر البحرية الكثيرة الموجودة في اللوحة مثل بوسيدون (إله البحر اليوناني) بصيغته السورية القديمة التي لا تقتصر على ألوهية البحر، بل ألوهيته شاملة لكل شيء، فهي ترمز عند الأفلاطونيين المحدثين للعالم الذي يغير طبيعته من طور إلى طور، وهو ما تمثله كاسيوبيا في انتصارها على النيريدات، أو بمعنى آخر، انتصار الروح على المادة وتجسد هذه الروح بالجمال الحقيقي…
هذا هو جوهر ديانة تدمر وديانة الصابئة في حران وصولاً إلى الصوفية وغيرها من مدارس العرفان في الإسلام.