تتصدر البادية السورية المشهد العسكري في سوريا، مع سعي أطراف عدة للسيطرة عليها نظراً لتوسطها الجغرافية السورية، حيث تمتد بادية الشام أو البادية السورية أو صحراء السماوة بادية وصحراء (في بعض مناطقها) على مساحة 518000 كيلو متراً مربعاً، أي ما يعادل ثلث مساحة سوريا، وتمتد على طول الحدود الأردنية والعراقية، وهو ما يعني أنها ستكون ورقة رابحة لمن يبسط نفوذه عليها.
وتشهد البادية السورية بالآونة الأخيرة تطورات متسارعة كان أخرها إطلاق الجيش الحر لعملية ” بركان البادية” لصد هجوم لقوات النظام.
في سباق وصراع على رمال البادية السورية بين أطراف عدة حيث تعمل واشنطن مع حلفائها من جهة على خطة إلى إقامة حزام أمني على الحدود السورية العراقية، بالمقابل النظام يفتح جبهة جديدة في شرق البلاد هدفها الحيلولة دون تمكن الفصائل الثورية من السيطرة على الحدود السورية العراقية ويأتي ضمن استراتيجية إيرانية شاملة تهدف الى الحفاظ على ممر التواصل مع إيران من خلال العراق.
واعتمدت الولايات المتحدة وبريطانيا، الدولتان البارزتان في التحالف الدولي ضد تنظيم داعش معبر “التنف” الحدودي مع العراق، قاعدة عسكرية لتدريب فصائل من “الجيش الحر” أبرزها “جيش مغاوير الثورة”، ومنطلقًا للعمليات ضد التنظيم.
وتسعى واشنطن وحلفاؤها إلى تعزيز وجودها العسكري في التنف، بتنسيق مع الجانب العراقي والأردني، إذ تعد المنطقة حزامًا أمنيًا أمام أي تهديد مستقبلي للأردن من حدودها الشمالية، ويتمثل في خطرين سبق وأوضح المسؤولون في عمان نيتهم الوقوف ضدهما، سواء كان تنظيم داعش الذي شن هجمات مؤخرًا في مخيم “الركبان” جنوب التنف، أو الميليشيات المدعومة من طهران.
بالمقابل تسعى طهران جاهدة في التمدد باتجاه التنف، لغاية تختلف جذريًا مع واشنطن، فامتلاكها للطريق الواصل بين دمشق وبغداد من الجهة السورية يعني فعليًا هيمنتها على طريق بري يصل بين العاصمة السورية وطهران، وبالتالي ضمان تدفق الإمدادات العسكرية برًا إلى حليفها الأسد، والميليشيات اللبنانية والعراقية والأفغانية الخاضعة عسكريًا وعقائديًا لها.
كما حظوظ كبيرة لطهران، فيما لو انتزعت التنف، في دخول دير الزور من بوابة البوكمال أيضًا، عوضًا عن التحالف الدولي وفصائل المعارضة المدعومة من قبله، وهو ما يجعلها أمام استحقاق جديد بالسيطرة على معبر القائم (المقابل للبوكمال من الجانب العراقي)، في ظل الحديث عن عملية مشتركة محتملة بين قوات الأسد والميليشيات الأجنبية من الجانب السوري والجيش العراقي والحشد الشعبي الشيعي من الجانب العراقي، وهو ما ألمح إليه بشار الأسد قبل أيام.
وكان الرد الأمريكي بعد ظهيرة الخميس 18 أيار حيث أغارت طائرات تابعة للتحالف الدولي على رتل لميليشيا “كتائب سيد الشهداء” العراقية التابعة فعليًا لـ “الحرس الثوري” الإيراني، على طريق دمشق-بغداد، وعلى بعد 27 كيلومترًا من قاعدة التنف، ليصفها محللون بأنها رسالة أمريكية لإيران “التنف قاعدتنا ولن تكون معبركم إلى طهران”.