fbpx

دراسة لشعائر الدفن و الموت في ثقافة تدمر

أظهرت الدلائل الأثرية النّادرة من العصر البرونزي التي عُثِرَ عليها في تدمر أن صلة المدينة الثقافية كانت في معظمها مع إقليم الشام الغربي (أي ما هو الآن لبنان وفلسطين وأجزاء من سوريا).

مدفن ايلابيل في مدينة تدمر

وقد تميَّزت تدمر في الفترة الكلاسيكية بثقافةٍ تختصّ بها عن غيرها، وكانت هذه الثقافة نابعةً من الثقافة السامية في سوريا قديماً ومتأثّرة بالثقافات الاستعمارية الإغريقية والرومانية، التي احتلَّت المدينة في بعض الفترات. وقد تبنَّى الكثير من التدمريّون أسماءً إغريقية ورومانية للاندماج في المجتمع الراقي لهاتين الثقافتين، وبعضهُم أضافَ اسم عائلةٍ لاتيني أو يوناني إلى اسمهِ أيضاً. ويُشكّك بعض المؤرخين بدرجة تأثير الإغريق على ثقافة تدمر، فمنهم من يعتبرُ أن السلوكيات الثقافية التي تقمَّصها التدمريّون عن الإغريق كانت طبقة سطحية تُغطّي ثقافتهم التدمرية الأصلية، التي ظلَّت جوهر هويتهم. ويُوضّح ذلك مجلس الشيوخ الذي كان مسؤولاً عن حكم تدمر، فقد وصفَ المجلس نفسه في وثائقه باسم “البويل” (وهي كلمة يونانية)، إلا أنَّ هذا المجلس كان مؤلَّفاً -في الحقيقة- من كبار رجال القبائل التدمرية، وهو تقليدٌ ثقافي مختلفٌ تماماً عن التقليد اليوناني. ويرى بعض الباحثين أنَّ ثقافة المدينة كانت اندماجاً لثقافة محلية مع أخرى إغريقية رومانية.

Istanbul_-_Museo_archeol._-_Colombario_funebre_da_Palmira_-_Foto_G._Dall’Orto_28-5-2006
مومياء تدمرية

تأثَّر التدمريون في أنظمتهم العسكرية ومحافلهم الحربية بالثقافة الفارسية. ولم تكُن في تدمر مكتبات ولا وثائق كبيرة، وقد تأخَّرت عن الحركات العلمية التي نهضت بمدنٍ أخرى قريبة منها، مثل الرها وأنطاكية. وقد اشتهرت الملكة زنوبيا بفتحِ بلاطها للعلماء، إلا أنَّ الوحيد منهم الذي كان معروفاً بما يكفي ليحفظه التراث التاريخي هو الفيلسوف لونجينوس.

مومياء تدمرية موجودة في متحف اسطنبول

كانت في تدمر ساحة مركزية كُبْرى (أغورا). وقد اختلفت هذه الساحة عمَّا هو معتاد في المدن اليونانية، التي كانت ساحاتها مراكزَ للحياة المدنية والاحتفالات العامَّة، وأما ساحة تدمر فقد كانت هادئةً وأقرب إلى تجمّع للفنادق الشرقية أو الخانات. دفنَ أبناء تدمر موتاهم في مشتركةٍ للعائلات، وكانت في معظمها جدرانٌ داخلية مُقسَّمة إلى صفوف من حجرات الدَّفن، والتي وضعَت فيها جثث الموتى بوضعيَّة أفقية. وقد زُيِّن جدار الضريح بنقش بارز يحملُ اسم الميّت. وأضيف الناووس إلى بعض الأضرحة منذ القرن الثاني، وهو تابوت نُحِتَ سطحه على هيئة المتوفّى المدفون فيه.كما عُثِرَ في الكثير من المدافن على مومياوات مُحنَّطة وفقاً لطقوس الدفن في مصر القديمة.

وفيما يلي، دراسة لشعائر الموت والدفن في ثقافة تدمر القديمة أجراها مدير آثار ومتاحف تدمر السابق، المرحوم خالد الأسعد

تتطلب عرض الشرائح هذه للجافا سكريبت.

1 تعليق