
خلال فترة انشقاق تدمر عن روما، حاولت زنوبيا أن تجمع حولها كافة القوى الممكنة التي كانت تتبع لاتجاهات دينية وفكرية مختلفة: فكما أن بولس السميساطي كان يستطيع أن يفيدها في استمالة الأوساط المسيحية والمجتمعات المسيحية الهلينستية إلى الجانب التدمري، كان يمكن بالطريقة نفسها أن تتجمع الأوساط المثقفة من الهلينستية السريانية حول كاسيوس لونجين.

بالتالي يمكننا أن نفسر على هذا النحو ما تم تناقله وانتشر بين المانويين من أن زنوبيا كانت قد اهتدت إلى المانوية على يد أحد تلاميذ ماني، وذلك كإشارة على براغماتيتها السياسية ورغبتها في أن تخلق توافقاً شعبياً واسعاً على كامل الأراضي التدمرية التي كانت تسيطر عليها مباشرة أو بشكل غير مباشر. ويبدو أن اكتشاف العديد من النصوص المجزأة الميدية ـ الفارسية تثبت هذه الفرضية ولو بشكل جزئي على الأقل: فقد ورد فيها أن أدا، وهو رسول وتلميذ ماني، حصل على الأرجح بفضل وساطة من التجار، على فرصة المثول في البلاط التدمري، وأنه مارس هناك دوره كرسول من خلال هديه لأخت الملكة.


من جهة أخرى، تسمح المصادر الوثائقية إنما بصعوبة أن نقدر نوعية العلاقات بين زنوبيا والقبائل العربية في الصحراء والبادية. فثمة عدد من الكتابات مصدرها الصفا في سورية التي يبدو أنها تثبت أن عدداً من قبائل حوران والأردن أيدت تدمر خلال فترة الانفصال. ومع ذلك من المهم جداً أن نتذكر أن أول ما قامت به زنوبيا بعد ثورتها على السلطة المركزية كان اجتياحها للعربية: وكانت قبائل تنوخ بشكل رئيسي، وهي تستقر في منطقة واسعة من البادية السورية، تشكل تهديداً دائماً لتوسع وفاعلية الشبكة التجارية التدمرية ولتفوق المدينة في المنطقة.
عن دراسة أوجينيا إكيني شنايدر بعنوان “زنوبيا في عصرها” في كتاب “أنا زنوبيا، ملكة تدمر”.