صحافيون وشهود لـ«القدس العربي»: «حزب الله» ينقِّب عن آثار دير الزور وينقلها إلى دمشق
«القدس العربي»: تباشر قوات «حزب الله» اللبنانية التنقيب عن الآثار في محافظة ديرالزور، بالتنسيق مع فرع الأمن السياسي التابع للنظام ومع ميليشيات «الحرس الثوري» الإيرانية، حسبما قال لـ»القدس العربي» صحافيون وشاهد عيان يعمل في التنقيب عن تلك الآثار في المحافظة الواقعة شرقي سوريا والتي تتقاسم السيطرة عليها قوات «سوريا الديمقراطية» من جهة، وقوات النظام السوري وحلفاؤها.
وفرضت قوات «حزب الله» طوقاً امنياً على موقعين أثريين في ريف مدينة البوكمال الواقعة أقصى شرقي ديرالزور، وباشرت منذ يوم 23 من حزيران/يونيو المنصرم عمليات الحفر والتنقيب في آثار منطقتي تل الحريري أو ما يعرف تاريخياً باسم «مملكة ماري» وآثار الصالحية، والتي تسمى قديماً «دورا أوروبس» وتم استخدام الديناميت والجرافات والحفارات خلال عمليات التنقيب التي يُشرف عليها مسؤولون من «حزب الله» مما أحدث دماراً كبيراً في الموقعين المذكورين، واللذين كانا قد تعرضا أساساً لعمليات تنقيب غير قانونية سابقاً، خلال سيطرة تنظيم «الدولة الإسلامية» وقوات المعارضة السورية المسلحة على المنطقة.
وفي عمليات الحفر استخدمت قوات «حزب الله» أكثر من 90 شخصاً من أبناء ريف البوكمال كعمال للتنقيب مقابل مبلغ 2500 ليرة سورية لكل شخص، مستغلة ظروف السكان المعيشية الصعبة هناك، ويعمل في الموقعين المذكورين عشرات القاصرين والرجال الذين تصل أعمار بعضهم لخمسين سنة، ويحظى موقعي التنقيب بحراسة أمنية مشددة من قبل عناصر الحرس الثوري ولا يُسمح لأحد بالاقتراب من الموقعين إلا بموافقة أمنية خاصة من مسؤولي «حزب الله».
أحد العاملين بالتنقيب في موقع «مملكة ماري» والذي رفضَ الكشفَ عن اسمه قال لـ»القدس العربي»، «يعمل في موقع آثار ماري «43» شخصاً غالبيتهم من أبناء المنطقة وجميعهم من المدنيين، نضطر للعمل هنا لأجل المال فالوضع المعيشي صعب للغاية في ظل تدهور الليرة السورية، نتقاضى مبلغاً قدرهُ 2500 ليرة وأحياناً 3000 ليرة حسب ما نقوم به من جهد، العمل يتم عبر ورديتين الأولى تبدأ الساعة التاسعة صباحاً تقريباً واحياناً في الثامنة لحدود الساعة «12:00» ظهراً، أما الوردية الثانية فتبدأ بحدود الساعة الخامسة عصرًا لغاية الثامنة مساءً، المسؤولون عن العمل هم ستة أشخاص من مدينة «حمص»، ثلاثة يشرفون على الوردية الأولى وثلاثة على الثانية في الموقعين، ويترددون ويتناوبون على الإشراف فيهما، ويأتمرون تحت إمرة شخص اسمه «أبو الصافي» من حمص أيضاً من منطقة « تلكلخ» وهو أحد مسؤولي «حزب الله» ولا يسمح الحزب لأحد بالاقتراب من الموقع الا بتصريح رسمي، وحتى العاملون في الموقع يتم تفقدهم دورياً وتفتيشهم عند انتهاء العمل، ويخضع الموقع لحراسة مشددة من قبل عناصر «الحرس الثوري».
وأضاف العامل أنه تم العثور على عدد من القطع الأثرية القديمة في الموقع «ماري» ، وتعرضت لضرر كبير بسبب استخدام الحفارات في أعمال التنقيب، وكل القطع الاثرية التي يُعثر عليها يتم نقلها عبر المدعو «أبو الصافي» والذي يقوم بنقلها لدمشق بحماية عناصر من «حزب الله» وهم يتكفلون بتصريفها هناك.
ويقول الصحافي زين العابدين العكيدي صاحب موقع «ديرالزور الآن» لـ»القدس العربي» بأن جميع المواقع الآثرية في محافظات ديرالزور والرقة والحسكة تعرضت للتخريب والنهب وهُربت مئات القطع الأثرية لخارج البلاد، ففي ديرالزور تحديداً تعرضت المواقع الأثرية لدمار كبير يُصعب ترميمه في جميع فترات ومراحل الأزمة السورية، سواءً على يد اللصوص أو على أيدي الفصائل المسلحة «المعارضة» والفصائل الجهادية، وتنظيم «الدولة» الذي أسس خلال سيطرته على المنطقة ما يعرف بديوان «الركاز» والذي كانت مهمته التنقيب عن الآثار حيث أعطى التنظيم رخصاً لمن يود التنقيب عن الآثار في المواقع الأثرية بشرط تسليم اللقى التي يجدها المنقب ليشتريها التنظيم منه، وبعدها يتولى التنظيم مهمة بيعها عبر سماسرة وتجار آثار يتعاملون معه.
وخلال حقبة التنظيم تعرضت العديد من المواقع لدمار كبير بسبب استخدام المنقبين للحفارات والجرافات في عمليات التنقيب، ويقول العكيدي «تعرضت مواقع مملكة ماري، ودورا اوروبوس، والرحبة، وحلبيهوزلبيه، ودور كاتليمو «الشيخ حمد» وآثار بقرص، وتل الداودية، وغيرها الكثير من التلال الأثرية لعمليات تخريب ممنهجه، واليوم يتواصل التخريب والتدمير لآثار المنطقة على يد الميليشيات الموالية لنظام الأسد».