تنظيم الدولة يفرض الدينار والدرهم بينما يخسر الأرض..

بالميرا مونيتور – خاص 

يُلزمُ تنظيم الدولة “رعاياه” باستخدام الدينار الذهبي في البيع والشراء، تأكيداً فيما يبدو على شعار “باقية وتتمدد”، ومتجاهلاً معطيات الواقع الميداني التي تؤكد تقلص “دولته” سواء في العراق أو سوريا.

فقد بدأ تنظيم الدولة فعلياً التعامل بالعملة الذهبية في ريف حلب الشرقي والمناطق الشرقية من سوريا (الرقة، دير الزور). واقتصر التعامل بداية على بعض المجالات.
وطرح تنظيم الدولة فكرة العملة المعدنية أواخر عام 2014، وذكر حينها ما يسمى “ديوان بيت المال”؛ أنّ الهدف من هذه العملة “الابتعاد عن النظام المالي الطاغوتي الذي فُرِضَ على المسلمين، وكان سبباً لاستعبادهم”، وبالتالي فالخطوة تنقذ المسلمين، وفق رؤية التنظيم، من “النظام الاقتصادي العالمي الربوي الشيطاني”. لكن الفكرة لم تطبق عمليا حتى وقت قريب، فيما عزا مقربون من التنظيم هذا التأخير لـ”أسباب فنية” تتعلق بسك النقود.

ويبرز السؤال عن جدوى طرح التنظيم عملته في وقت تتقلص فيه مساحة الأراضي التي يسيطر عليها في سوريا والعراق.

ويُرجع مراقبون ذلك لسببين رئيسيين؛ أحدهما سياسي والآخر اقتصادي. فالتنظيم يثبت من خلال الخطوة لأنصاره على الأقل؛ أن “دولته باقية، وتفكر بطريقة استراتيجية، ولن تتأثر بالتطورات الأخيرة”.

ويهدف التنظيم لجمع كلمة أنصاره، وإظهار التماسك لهذه الدولة المزعومة التي باتت على شفا الانهيار.

أما السبب الاقتصادي فيتمثل في تقلص موارد التنظيم، لا سيما بعد خروج كثير من الحقول النفطية من سيطرته أو باتت خارج الخدمة.

الدينار الذهبي في جيوب النخب الاقتصادية

ولم يلمس الأهالي أثراً لاستخدام العملة الذهبية.فالناس لا تملك ثمن طعامها، فكيف تريد منها التعامل بالدينار الذهبي؟ كما أن 90 في المئة من الشعب لم ير الدينار، ولم يتعامل داعش بأنواع العملة الأخرى إلى الآن”.

يُذكر أن قيمة الدينار الذهبي الواحد تُقدّر بـ190 دولارا، وهذا رقم كبير بالنسبة لكثير من السوريين في مناطق التنظيم؛ التي تباطأت فيها العجلة الاقتصادية.

ويرى أنصار التنظيم أنّ هذه خطوة أولى ريثما يتم إصدار العملة المعدنية المصنوعة من الفضة والبرونز.

مستقبل الدينار

ولا يتوقع أن تلقى عملة التنظيم النقدية رواجاً بين المواطنين؛ نظراً لحجم التداخل بين مناطق التنظيم والمناطق الأخرى.
وفي هذا السياق، يرى الاقتصادي يوسف البرهو، من ريف حلب، أن العملة المعدنية، ولا سيما الذهبية، تحتفظ بقيمتها المالية بغض النظر عمّا رسم عليها من شعارات، “وهي لا شك ستُقدر بالدولار، ولكن ذلك لا يجعل منها عملة حقيقية باعتبارها غير قابلة للتداول خارج مناطق التنظيم، فالأساس بالعملة التداول”.

ويقول أنصار التنظيم إن الناس ستتداول العملة باعتبارها “مستقرة”، فالذهب لا يخضع للمضاربات، ولا يتأثر بتطورات المعارك، وهذا يبعث على الاستقرار الاقتصادي، ويؤدي لثبات الأسعار، بحسب ما يروج له أنصار التنظيم.

لكن متابعين للوضع الاقتصادي للتنظيم يؤكدون صعوبة إتمام المشروع، وأنه يندرج في إطار “البروباغندا”.