على الرغم من تنوع وغنى الحياة البرية في سوريا، نظراً لتنوع التضاريس والمناخ والتربة، إلا أن الحرب ألقت بتأثيرات سلبية خطيرة على الأوضاع البيئية في الدولة العربية، وهددت كافة الكائنات الحية، من أصغرها إلى أكبرها حجماً، سواء في البر أو البحر، وأحدثت خللاً في جميع الظروف المحيطة بالأنواع الحية، حيث أدت الحرب إلى تدمير الموائل الطبيعية للحيوانات، والمخازن الطبيعية للأصول الوراثية، وحرق وسلب وتدمير المحميات، وتآكل التربة، وتدهور نوعية المياه وتلوثها.
وكشف تقرير لقطاع التنوع الحيوي والمحميات الطبيعية بوزارة الإدارة المحلية والبيئة التابعة للنظام السوري، عن أن كافة الغابات والمناطق المحمية في سوريا تعرضت إلى أضرار شديدة، نتيجة الاعتداءات والأعمال الحربية التي استهدفتها، مما أدى إلى تدهور التنوع الحيوي بها، وأن أعداد كبيرة من الطيور والحيوانات البرية تعرضت للسرقة والصيد الجائر، خاصةً الحيوانات داخل المحميات، مثل غزلان “الريم” و”المها العربي”، وطيور “النعام” و”أبو منجل.”
الوضع البيئي قبل الحرب
وتطرقت رئيس قطاع المحميات الطبيعية إلى الدراسة الوطنية للتنوع الحيوي، التي أعدت قبل بداية الحرب، من قبل عدد كبير من الخبراء الوطنيين في جمع وإحصاء الأنواع الحيوانية الموثقة مرجعياً، بإشراف وزارة الدولة لشؤون البيئة، وبالتعاون مع الجهات الوطنية والدولية المهتمة، والتي بينت وجود ما يزيد على 7100 نوع من الأحياء البرية في سوريا، منها 3000 نوع تتبع المملكة الحيوانية، ولكن نتيجة لتزايد عدد السكان، والتطور التقني المتسارع في العقود الأخيرة، ومحاولة الإنسان تسخير كل ما حوله لصالحه، ولتلبيه احتياجاته، بدأت تظهر أعراض تدهور النظم البرية الطبيعية، على صورة انحسار للغطاء النباتي، وهجرة بعض الأنواع البرية، وانقراض بعضها الآخر.
وبحسب “سعد” فإن عدد المحميات الطبيعية في سوريا يبلغ 31 محمية، تضم مختلف الأنظمة البيئية، منها الغابات، والأراضي الرطبة، والمحميات البحرية، ومحميات أخرى ذات أهمية خاصة، وتزيد مساحاتها الإجمالية على أكثر من 187 ألف هكتار.
التهديدات البيئية في سوريا
ووفقاً للتقرير، فإن مهددات الحياة البرية في سوريا تختلف تبعاً للمنطقة الجغرافية، وتبعاً للمجموعة الحية،
يشكل الجفاف والرعي الجائر والصيد أهم مهددات الحياة البرية في المناطق الجافة وشبه الجافة، وتتلخص إدارة الحياة البرية في نشاطات الحفاظ على مناطق الغابات والمناطق الحراجية، وإعادة تأهيل المناطق المتدهورة، عن طريق زرع غراس حراجية، وإقامة محميات رعوية في مناطق البادية.
أما الأنواع الحيوانية البرية، فلا توجد لها إدارة منهجية، سوى في محميتي “التليلة” بمنطقة تدمر فى محافظة حمص، ومحمية “العضامي” الرعوية في حلب، ومحمية “المغلوجة” في الحسكة، ومحمية “الثورة” في الرقة، وأخيراً في محمية طائر “أبو منجل” في البادية السورية، التي أعلنت رسمياً عام 2004، حيث تعتبر المحميات هي أحد أهم وسائل حماية التنوع الحيوي، لأنها تشكل الموئل المناسب للكثير من الأنواع النباتية والحيوانية، وهي أهم الأدوات المتبعة عالمياً في حفظ وإدارة الإرث الطبيعي.
ورغم أن الحياة البرية في سوريا كانت تحوي العديد من أنواع الثدييات، حتى بدايات القرن 21، منها “الدب البني السوري”، و”الحمار البري السوري”، و”الأرنب البري”، و”السنجاب الرمادي السوري”، و”النمر الفراتي”، وعشرات الأنواع من “الأيائل” و”الغزلان”، إلا أن قسماً كبيراً منها تعرض للانقراض، وأصبح قسم آخر نادراً جداً، نقرض أو أصبح نادر جداً، حتى تناقص عدد أنواع الثديات المسجلة محلياً في سوريا حالياً، إلى 125 نوعاً، وهو عدد قليل جداً مقارنةً بالأنواع العالمية.
ووفق وزارة الإدارة المحلية والبيئة فإن هناك أكثر من 3150 نوعاً نباتياً مسجلة في الأراضي السورية، بالإضافة إلى 3300 من الأنواع الحيوانية، إلا أن أعداد الموائل التي تخص الطيور، تناقصت بفعل العوامل الطبيعية والصناعية والصيد الجائر وغيرها، وتم إقامة عدة محميات، لحماية بعض أنواع الطيور، تعزيزاً للدور الذي تقوم به الحياة البرية في التوازن البيئي، وحماية التنوع البيولوجي.
وأمام الوضع البيئي المتدهور نتيجة الحرب في سوريا، فقد ناشد عدد من كبار مسؤولي الأمم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، كافة السوريين، وخاصةً الشباب منهم، العمل على حماية ميراثهم من الحياة البرية، وحماية الحيوانات والنباتات البرية من خطر الانقراض،