تداخلت حركة التنمية التي شهدتها تدمر وما بها من ثروات بصورةٍ كبيرة مع سياسات غرب آسيا خلال قرونٍ من التقلبات الكبرى التي تلت غزوات الإسكندر الأكبر، وما خلفته من دمار للإمبراطورية الأخمينية الفارسية في أواخر القرن الرابع قبل الميلاد. وقد أسس قادة الإسكندر الإمبراطورية السلوقية، التي امتدت في أوج عظمتها من وسط الأناضول إلى آسيا الوسطى، إذ تعكس المدن بهذه الأماكن وجود آثار هيلينية (يونانية) كبرى كست ملامح الفن و المجتمع المحلي . وفي هذا السياق -من القرن الثالث إلى القرن الأول قبل الميلاد- نشأت مستوطنة تنعم بالازدهار على أراضي تدمر على مقربة من حرم معبد بل. ويحمل هذا المكان آثارًا لأحد المعابد، ربما سبقته أضرحة بُنيت فيما مضى وتم تدميرها عن بكرة أبيها لوضع حجر الأساس لمعبد بل الأثري الذي بُني لاحقًا على الشاكلة نفسها.
وفي نهاية المطاف أدت الهزائم المتعددة إلى خضوع الإمبراطورية السلوقية، إذ غزى معظم أراضيها الشرقية ميثراداتس الأول ملك بارثيا. أمّا عن ممتلكاتها الغربية فقد استولى عليها بومبيوس الكبير في عام 63 قبل الميلاد، وهو مؤسس مقاطعة سورية الرومانية، ولم يبدُ أنها شملت تدمر بين أراضيها في ذلك الوقت. ويدعم المؤرخ أبيان هذا الرأي، إذ روى بعدها بقرنين من الزمان عن محاولة غير ناجحة لمارك أنطوني بنهب المدينة التجارية في عام 41 قبل الميلاد.
ظل الاهتمام منصباً على تدمر، واستمرت الإشارة إلى أنشطتها التجارية خلال حكم السلالة اليوليو-كلاودية (أو أسرة جوليو كلاوديان) للإمبراطورية الرومانية. بينما لا يمكن تأكيد مدى الهيمنة السياسية التي مارستها روما – التي تبعد عنها بأكثر من 3000 ميل – على تدمر خلال القرن الأول الميلادي، تُعزى أوائل حقبة انضمام المدينة إلى الإمبراطورية الرومانية إلى عهد تيبيريوس (14-37 م).
ومن أبرز ما يميز هذه الفترة الزمنية هي الرحلة الاستكشافية لسورية في عام 18/19 ميلاديًا والتي قادها ابن أخيه وابنه بالتبني جرمانيكوس، الذي يبدو و كأنه قد شارك في وضع القوانين الأولى للتعريفة الجمركية هناك. إذ انعكست مشاركته هذه على النقوش الشهيرة للتعريفة الجمركية التدمرية، التي يعود تاريخها إلى عام 137 ميلاديًا و تم تخليد جرمانيكوس بضم تمثال له ، بالأضافة الى تماثيل تيبيريوس، وشقيقه بالتبني دروسوس ابن تيبيريوس، في معبد بل.

يذكر تاسيتوس في سجلات عام 109 ميلاديًا أن جرمانيكوس قد التقى أيضًا بالسفراء الذين أرسلهم الملك البارثي أرتابانيس في مهمة لدعم السلام. بالإضافة لما سبق، وفقًا لما تسرده نقوش تدمر، أرسل جارمنيكوس مبعوثًا من تدمر يحمل اسم ألكسندروس إلى مملكة ميسين في جنوب بلاد ما بين النهرين، وقد شكل هذا الأمر أهمية بالغة لصالح التجارة لوجود ميناءٍ حيوي يقع على الخليج الفارسي سباسينو خاراکس. بينما لم تُذكر تفاصيلُ أكثر حول هذا الأمر، نفهم ضمنيًا أنه لم يكن للرومان غنى عن العلاقة بين تجار تدمر وتجار بارثيا. لذا فكما أشرنا؛ تمكّنت كلٌ من تدمر وسباسينو خاراکس من العمل معًا “في ظل” حكم إمبراطوريتين من القوى المهيمنة آنذاك وهما روما وبارثيا