خاص – بالميرا مونيتور
في سياق متصل، تقول مصادر محلية في المدينة إن “الأهالي مجبرون على التعامل مع القوات النظامية، لأنهم بحاجة إلى أن يعيشوا في بيوتهم ومدينتهم ويخلصوا من رعب الإيجارات في المدن، وهم الذين يحملون قهرهم منذ أن كانوا نازحين في مناطق النظام”. وأضاف أنه يمكن تصنيف الأهالي ضمن ثلاث فئات: “الأولى هم الفقراء، وهم الأكثر عدداً، والذين عادوا إلى تدمر ليخلصوا من هم مصاريف الإيجار وغيرها؛ الثانية فئة متسلطة ومحسوبة على النظام، وهي أصحاب رؤوس الأموال؛ الثالثة وهي من أجبرها النظام على العودة من موظفين ومدرسين وطلاب”. وتشير المصادر إلى أن “أهالي تدمر المهجرين من مدينتهم لا يستطيعون العودة إليها، خوفاً من بطش النظام، واتهامهم بأنهم كانوا حاضنة لـ”داعش” مثلاً”، موضحةً أن هؤلاء “ينتشرون اليوم في مناطق الشمال السوري، منهم 30 ألف نازح موزعون بين إدلب وريفها وريف حلب، والبقية في الرقة وريف دير الزور”. وتلفت، في المقابل، إلى أن الحياة المعيشية لهؤلاء تبدو “مقبولة نوعاً ما بسبب نشاط المنظمات والجمعيات في الشمال، إلا أن المشكلة الرئيسية عندهم هي إيجارات البيوت وانعدام فرص العمل، في ظل تقصير الجهات المسيطرة على تلك المناطق”.
وفي هذا المجال، تروي المصادر أنه “منذ يومين، حصلت حادثة في مدرسة بقرية كفتين في ريف إدلب كان يقطنها نازحون من تدمر، إذ تم إفراغها منهم بحجة أن السنة الدراسية قد بدأت”، مشيرة إلى أن نسبة النازحين المقيمين بمناطق “داعش” حالياً هي مرتفعة أكثر من نسبتهم في مناطق الشمال، لأن في مناطق “داعش” هناك حياة معيشية ميسرة نوعاً ما، من الناحية الاقتصادية، على الرغم من التضييق على المدنيين، وفق المصادر.
ويعتبر غالبية النازحين في مخيم الركبان على الحدود السورية الأردنية، البالغ عددهم نحو 80 ألف شخص، من أهالي تدمر والسخنة والقريتين ومهين وحوارين في ريف حمص الشرقي بالعموم. وهؤلاء يعانون من أوضاع إنسانية غاية في السوء، إذ تعتبر الخدمات الطبية والمواد الغذائية والمياه منخفضة جداً. ويعيشون في خيام بدائية ويمنع دخولهم إلى الأردن. ويعيشون على المساعدات التي تقدمها الأمم المتحدة عبر الأراضي الأردنية بين الحين والآخر. وبعض الأموال التي تأتيهم كتبرعات تتيح لهم شراء ما يتوفر من مواد آتية من الشمال أو مناطق النظام لكن بأسعار مرتفعة جداً.
ويمكن القول إن حال مدينة تدمر يشابه العديد من المناطق التي سيطر عليها النظام، ضمن سياسته المعتمدة على إخلاء المناطق المناهضة له من أهلها، في إطار الضغط عليهم، ليكون هو في النهاية الخيار الأفضل والقبول بالعيش تحت سطوته.
وكان النظام السوري قد اعتمد منذ سنوات على سياسة الحصار والتجويع الممنهج، للمناطق المناهضة له، في وقت ظهرت فيه فصائل المعارضة إلى حد بعيد عاجزة عن تأمين احتياجات الأهالي، في ظل الحصار والقصف المتواصل، فيما يبدو أن هناك سياسة تفريغ لجميع جيوب المعارضة في المناطق المتاخمة لمواقع النظام في دمشق وريفها وحمص.