انشقاقات جديدة تثير الشكوك لعدد من عناصر تنظيم الدولة من مدينة تدمر

 

 يتابع مكتب التوثيق والدراسات في الموقع، التطورات بخصوص العناصر المنشقين من تنظيم الدولة “داعش” من شباب مدينة تدمر، حيث تمكنّ المكتب من متابعة حالات انشقاقات وهروب جديدة من عناصر التنظيم، ويقدّر عدد المنشقين (الهاربين) الجدد نحو “8” شباب، بالإضافة لثمانية آخرين تم متابعتهم وتوثيق حالات هروبهم سابقاً بعد انسحاب التنظيم من مدينة تدمر في شهر آذار من العام الفائت،حيث تمكن الهاربين السابقين من الوصول إلى مناطق الشمال السوري المحرر وبالتحديد بلدات ومناطق ريف “إدلب”, و مدن تركية منها: (مرسين، أنطاكية، الريحانية، غازي عينتاب، اسطنبول)، وتمكن عدد آخر منهم من الوصول إلى دول أوروبية، وبالأخص ألمانيا عبر قوارب الهجرة.
و يقدّر عدد الهاربين من التنظيم من مدينة تدمر و التابعين لما يسمى “ولاية حمص”، حسب تصنيفات تنظيم الدولة، يقدر عددهم بستة عشرة شاباً، بينهم “6” ممن كانوا يعملون بوظيفة أمنيين أو عناصر مخابرات لدى التنظيم.
هذا و قد بدأت عمليات الانشقاقات من التنظيم بعد عدة أشهر من سيطرة تنظيم الدولة الأولى على مدينة تدمر في أواخر شهر أيار من عام 2015، حيث و بعد الهالة الإعلامية الكبيرة والقدرة العسكرية والمادية   والسلطوية التي يتمتع بها عناصر التنظيم، سارع العديد من شباب تدمر لمبايعة التنظيم، منهم من بايع لهدف السلطة و التسلط، ومنهم من ذوي الأعمار الصغيرة الذين انذهلوا من قدرة التنظيم العسكرية والإعلامية.
 داعش في مسرح تدمرحيث بلغ عدد المنتسبين للتنظيم بعد سيطرته على مدينة تدمر و ضواحيها، ما لا يقل عن “80” شخص أغلبهم لا تتجاوز أعمارهم ” 16″ عاماً، و خضعوا حينها لمعسكرات تدريبية أقامها التنظيم في ضواحي  المدينة، ليصار بعدها إلى فرزهم لاختصاصات حسب رغباتهم كون التنظيم كان بحاجة لكسب قاعدة شعبية له بين أهالي المدينة شبابها، فاختار العديد منهم سلك الأمن لدى التنظيم، كون عناصر ذاك  السلك يتمتعون بميزات و صلاحيات أكثر من غيرهم ( على غرار عناصر المخابرات في نظام الأسد).

 

 

و مما يجدر ذكره، بأن أكثر من (80 %) من المنتسبين للتنظيم حينها، هم من ذوي السوابق و الأخلاق السيئة حيث وجدوا من التنظيم باباً لتحقيق أمنياتهم في التسلط و ممارسة أعمالهم السيئة، فمنهم من كان يعمل بالتنقيب و الاتجار بالآثار، و منهم من كان معروف بسلوكياته السيئة من حيث السرقات و غيرها.
فبعد أن استمكن أولئك الأشخاص و امتلكوا الصلاحيات من مسؤوليهم، بدأوا بما كانوا يتصفون به و ما تم ذكره سابقاً، فباشروا بالتسلط على أهالي المدينة و أملاكهم و أرزاقهم، و كل ذلك تحت سطوة التارات الشخصية و العشائرية، و كانوا ينفّذون أعمالهم بفتاوى جاهزة و مفصلّة على حسب إدّعاءاتهم، يفتيها لهم عرابوا التنظيم في تدمر و الذين أغلبهم أيضاّ من أهالي تدمر المنتسبين للتنظيم منذ سنوات.
فبرغم معاناة الأهالي من القصف المتواصل من طيران النظام و روسيا، جاء هؤلاء ليزيدوا الطين بلة و ليساهموا بالتضييق على الناس و تضخيم عناصر داعش في تدمرمأساتهم، مما دفع العديد ممن بقى في المدينة إلى هجرتها هرباً من تسلط أولئك الصبية، ليكونوا سبب آخر في تهجير سكان المدينة بعد قصف النظام و أعوانه و تنكيله بهم.
و بالعودة إلى العناصر المنشقين أو الهاربين من التنظيم، فتمكنّا من توثيق وصول ثمانية عناصر إلى المناطق المحررة و تركيا و ألمانيا ( وثّقنا خمسة أسماء منهم)، فوصل (4) منهم إلى المناطق المحررة في الشمال السوري و بالتحديد في منطقتي معرة مصرين و حارم و كلّي في ريف “ادلب”، كما وردتنا أنباء شبه مؤكدة عن محاولات العديد من العناصر للهرب من الرقة و ريفها و ريف دير الزور باتجاه المناطق المحررة.

 

كما تمكن المكتب من توثيق إنشقاق وهروب نحو “16” عنصر من التنظيم من شباب منطقة “السخنة” الواقعة إلى الشرق من مدينة تدمر، والتي تعد من أهم حواضن التنظيم في منطقة ريف حمص الشرقي، حيث يشغل العديد من شباب ورجال تلك المنطقة مناصب ومراكز قيادية وإدارية لدى التنظيم، ولاتزال ظروف هروبهم وأماكن تواجدهم مجهولة بعد حوالي ستة أشهر من وقوع الحادثة، حيث هربوا بشكل جماعي وكان السبب المعلن عن هروبهم، هو ممارسات التنظيم وغلوّه وتشدده تجاه المدنيين والأهالي هناك.

 

 

وفي شهادة لأحد اولئك العناصر المنشقين من مدينة تدمر والمدعو (م-ع) والذي تمكن من الوصول إلى إحدى المدن التركية، تحفّظ فيها على الأسباب والتفاصيل الدقيقة لانشقاقه من التنظيم في شهر حزيران من عام 2016، قال: أن أهم أسباب تركه للتنظيم هو الانسحاب من مدينته تدمر بعد سيطر التنظيم عليها لحوالي عام كامل، والاستهتار من قبل القادة العسكريين بمتابعة و التركيز على الوضع الميداني والعسكري في المدينة، في حين كانت الأولوية لدى الكثير من القادة والأمراء تتركز على الأحوال الإدارية والقضائية في المدينة، وأضاف: كنت أنا وعدة شباب معي ممن كنا نلازم الجبهات في محيط المدينة، نحاول إيصال رسائلنا ومعاناتنا للقادة والمسؤولين لتدشيم ودعم الجبهات والمواقع القريبة من جيش النظام والميليشيات الإيرانية التي كانت تتجهز لاقتحام المدينة بعد فشل العديد من المحاولات السابقة لهم، ولم نجد آذان صاغية لطلباتنا من القادة.

 

 

و تتزايد التساؤلات عن سبب و كيفية هروب هؤلاء الأشخاص بالنظر للتشديد الأمني الكبير الذي يفرضه التنظيم على عناصره و بالأخص الأمنيين منهم، كما أن التنظيم يمنع المدنيين العاديين من مغادرة المناطق التي يسيطر عليها، و هنا تتزايد الشكوك حول قصة هروبهم وهناك مخاوف من كونهم قد أُرسلوا بمهمات لصالح التنظيم في المناطق التي وصلوا إليها، كون أغلب تلك المناطق يتواجد فيها نازحين ومهجرين من مدينة تدمر، بالإضافة لإقامة نشطاء المدينة وبشكل كبير في الشمال السوري وفي المدن التركية.

 

 

رابط مختصر للدراسة: http://wp.me/p73rpU-1m1

بالميرا مونيتور – قسم الدراسات

 


تعليق