النظام يُجبر موظفين من تدمر للعودة والدوام في دوائر المدينة

بالميرا مونيتور:

بعد حوالي الشهر من سيطرة النظام والميليشيات المساندة له على مدينة تدمر الأثرية بريف حمص الشرقي، بدأت سلطاته بإجبار بعض موظفي الدوائر الخدمية للعودة للمدينة والدوام في دوائرهم ومؤسساتهم، برغم كون أكثر من نصفها، مدمّر وخارج عن الخدمة.

 

سيطرت قوات النظام والميليشيات السورية والأجنبية المساندة لها، وبدعم من الجيش الروسي، على مدينة تدمر الأثرية وسط سورية، في مطلع شهر آذار الحالي، وتعرّضت المدينة خلال الحملة العسكرية التي شنّتها تلك القوات أثناء سيطرتها على المدينة، لنسبة دمار كبيرة في المؤسسات والدوائر الحكومية والبُنى التحتية الرئيسية في المدينة.

فبعد أن، دمرت الحملة العسكرية الأولى من الجيشين الروسي والسوري برفقة ميليشيات أجنبية قبل سيطرتهم الأولى على المدينة في أواخر شهر آذار من عام 2016، دمّرت تلك الحملة العسكرية مبان ودوائر ومنشآت حكومية بنسبة 50 %، وساهمت الحملة العسكرية الثانية في مطلع شهر آذار الحالي، بزيادة نسبة الدمار والخراب فيها، لتصبح خارجة عن الخدمة بشكل كامل.

حيث شهدت المدينة خلال الحملتين العسكريتين، مئات الغارات الجوية والقصف بالصواريخ وبشكل عشوائي، الأمر الذي أدى إلى إحداث تلك النسب الهائلة والمرعبة من الدمار في تلك المباني والمنشآت

خلال السيطرة الولى للنظام وحلفائه على المدينة في نهاية شهر آذار عام 2016، سارعت سلطات النظام بالإعلان عن مشاريع إعادة إعمار وصيانة البنى التحتية وبعض المديريات الخدمية في المدينة، سعياً منها لإيصال صورة للعالم بأن النظام يريد تحرير المدن وإعادة إعمارها من جديد وتشجيع سكانها للعودة إليها، لكن كانت كل تلك المشاريع وبرغم تنفيذ البعض منها، عبارة عن رسائل إعلامية للمجتمع الدولي بأن النظام يسعى للإصلاح وإدارة شؤون العمال والموظفين.

فأجبرت حينها سلطات النظام، الموظفين من مدينة تدمر والقاطنين في مناطق سيطرة النظام في حمص ودمشق، للعودة للمدينة وضرورة الدوام في دوائرهم (المدرسين منهم بالأخص)، تحت تهديد الفصل من العمل في حال عدم الانصياع للقرار، بينما عُرض على آخرين منهم بالدوام على الحواجز التابعة للجان الشعبية في تلك المدن، أيضاً تحت تهديد الفصل من العمل.

سارع حينها عشرات الموظفين للعودة ولأسباب عدّة، أهمها: كون أولئك الموظفين لا يملكون أي مورد أو بديل مادي سوى تلك الوظائف، كما أن الحالة الأمنية والظروف المعيشية القاسية في مناطق النظام، أجبرت بعض منهم على العودة والاستقرار في المدينة، فتم افتتاح مدرستين ابتدائيتين في المدينة بإشراف حوالي 95 مدرس وموظف إداري، كما تم استجلاب عدد من موظفي البلدية والقطاعات الخدمية في المدينة، كخدمات الكهرباء والمياه والهاتف الأرضي، فأقام عدد كبير منهم في المدينة نتيجة ظروفه المعيشية، بينما اضطر قسم آخر إلى الذهاب والعودة بشكل يومي من وإلى المدينة.

وبعد اندلاع المعارك في منتصف شهر كانون اول / 2016، واقتراب التنظيم مجدداً إلى محيط المدينة ومحاصرتها ومن ثم السيطرة عليها، انسحب النظام وميليشياته تاركين ورائهم أولئك الموظفين وغيرهم من المدنيين فريسة سهلة بأيدي عناصر تنظيم الدولة “داعش”، والذين بدورهم اعتبروا كل من في المدينة بعداد الموالي للنظام، الأمر الذي أدى إلى اعتقال جميع من في المدينة، بالإضافة لجلب كل من حاول الهرب منهم في محيط المدينة، وقام التنظيم بالتحقيق مع الجميع، وتصفية عدد منهم وإخضاع الاخرين لدورات شرعية.

 

مجدداً وبعد سيطرتها الثانية، أصدرت سلطات النظام قراراً بعودة موظفي القطاع الخدمي ودائرة الآثار للعمل في دوائرهم ومؤسساتهم المدينة، تحت التهديد بالفصل من العمل، الأمر الذي أجبر عشرات الموظفين للانصياع للقرار، خوفاً منهم على الفصل من الوظيفة التي لا مورد لهم سواها، مستسلمين تحت وطاة العامل المادي والمعيشي، لكل المخاطر والمخاوف التي قد تحصل لهم أثناء تواجدهم في المدينة، وبرغم كون التنظيم لايزال قريب منها وقد يشن هجمة جديدة عليها في أي وقت، وبرغم اقتناعهم بأن هذا النظام وجيشه ليس لهم أمان وثقة، بعد ما رأوا منهم حين تركوا من قبلهم فريسة بأيدي تنظيم الدولة دون أي اكتراث أو اهتمام بهم.