تفضل نوال الحسين (28عاماً) وهي من سكان مدينة تدمر بريف حمص الشرقي، وسط البادية السورية، وضع الماجي ومنكهات الدجاج على الطعام، في استغناء شبه تام عن شراء اللحوم السورية بسبب ارتفاع أسعارها، وعن الإيرانية المجمدة لعدم معرفتها بطريقة حفظها وذبحها وخوفها من أن تكون مصابة بأمراض.
وقالت “الحسين” إن إحدى أقاربها قامت بجلب فروج مجمد إيراني “وخلال عملية السلق ظهرت بقع زرقاء عليها، ما اضطرها لرميه في القمامة.”
ومؤخراً، وعلى غرار الأدوية وبعض المواد الغذائية الأساسية والأدوات المنزلية، انتشرت اللحوم الإيرانية المجمدة في بلدات ومدن البادية السورية بشكل عام ومدينة تدمر بشكل خاص، إذ تباع على البسطات وبعض محلات بيع الفروج.
ورغم انخفاض أسعارها مقارنة مع اللحوم السورية، لم تلقَ اللحوم الإيرانية إقبالاً واسعاً لدى سكان تدمر، وسط شكوك من أن تكون الذبائح تعاني من أمراض أو تم حفظها ضمن شروط غير صحية.
وقال عبدالله الحمد (20عاماً) وهو من سكان تدمر، إنهم لا يعلمون كيف تم ذبح تلك الذبائح وكيف تم حفظها وتجميدها.”
وذكر “الحمد” أن الفروج واللحوم السورية يتم ذبحها “بطرق شرعية”، كما أنهم يشاهدون طريقة تنظيفها وتقطيعها، “لكن اللحوم الإيرانية لا ندري حتى إن كانت لحوماً صالحة للأكل، فربما تكون لحيوانات لا نأكل لحومها.”
وتنتشر في أسواق تدمر ومنطقة السخنة بريف حمص الشرقي لحوم الفروج المجمدة من قلوب ولحمة كباب فروج نية وجميعها مجمدة في صحون من مادة الفلين.
وقال ياسين الحاتم (27عاماً) وهو صاحب محل فروج في تدمر إن اللحوم الإيرانية تأتي من العراق وتصل إلى دير الزور ببرادات مخصصة لنقل اللحوم المجمدة والخضار.
ويتواجد مركز توزيعها الرئيسي في دير الزور، حيث يقوم المركز بإرسالها نحو مدينة حمص وتدمر وبعض المدن السورية، بحسب “الحاتم”.
“توسع نفوذها الاقتصادي”
وعن سبب انتشارها في هذه المناطق، أشار “الحاتم” إلى أن السبب الرئيسي يعود لانتشار الفصائل الإيرانية في المنطقة بالدرجة الأولى، حيث يتم توزيع بعضها كمعونات شهرية على عائلات وذوي عناصر الفصائل الموالية لإيران.
وتعتبر منطقة السخنة من المواقع الاستراتيجية للفصائل المدعومة من قبل الحرس الثوري الإيراني لأنها تشكل عقدة وصل بين دير الزور – دمشق، والأخيرة وتدمر، وتحاول الفصائل فرض سيطرتها المطلقة عليها عسكرياً وفكرياً.
وتحتوي المنطقة على مقرات للواء فاطميون وحزب الله العراقي، بالإضافة إلى لواء زينبيون, كما يتواجد في بلدة السخنة مكتب انتساب خاص بحزب الله العراقي المدعوم من الحرس الثوري الإيراني.
ويرى سكان أن إيران تسعى ومن خلال طرح موادها في أسواق تدمر والبادية السورية إلى توسيع نفوذها الاقتصادي وزيادة تغلغلها في المنطقة، على غرار أرياف مدينة دير الزور الغربية والشرقية، خاصة بعد جملة التسهيلات الاقتصادية التي قدمتها الحكومة السورية للجانب الإيراني خلال عام 2019.
وكان أبرزها توقيع اتفاقية تعاون اقتصادي طويل الأمد مع إيران في مختلف المجالات لتشمل قطاع المصارف والمالية والبناء وإعادة الإعمار في الثامن والعشرين من كانون الأول/ ديسمبر 2019.
أسعار منخفضة
وتعتبر اللحوم الإيرانية رخيصة الثمن رغم تكاليف النقل مقارنة بالفروج واللحم السوري بشكل عام وذلك بنسبة تتراوح بين 40 و50 بالمئة في تدمر.
ويباع الكيلوغرام من لحم الغنم في تدمر ما بين 38 و40 ألف ليرة سورية، فيما يباع الكيلوغرام من لحم العجل بـ27 ألف ليرة، ويتراوح الكيلوغرام من الفروج ما بين 5500 إلى 6000 ليرة سورية.
ويتراوح سعر الصحن من الفروج المجمد الإيراني والذي يحتوي على اثنين كيلوغرام بين 2500 و 3200 ليرة سوريا، ويقوم بعض الباعة ببيعها بثمن أرخص من ذلك بهدف الخلاص من الكميات التي قاموا بشرائها، وفقاً لما أفاد أحدهم نورث برس.
بالإضافة إلى عدم وجود إقبال وحركة شراء عليها من قبل سكان المنطقة مما يؤدي إلى انخفاض أسعارها بشكل كبير مقارنة باللحوم السورية.
كما أن بعض عناصر الفصائل الإيرانية يقومون ببيع تلك اللحوم بعد حصول عائلاتهم عليها بشكل شهري لتجار في تدمر بأسعار منخفضة عن سعرها الطبيعي مما يؤدي إلى رخص ثمنها.