يشكل العرس الشعبي في منطقة تدمر أحد المظاهر الفلكلورية التي تعطي صورة واضحة عن طباع وعادات وتقاليد أهل المنطقة غير أن دخول مظاهر الترف والعادات الأكثر تمدناً جعلت العرس التدمري يبدو مشابهاً لغيره من أعراس المدن والمناطق الأخرى.
ويتحدث الباحث أحمد قشعم في كتابه عادات وتقاليد مدينة تدمر عن العرس في تدمر منذ عشرات السنين مبيناً أن للعرس في تدمر خطوات متتالية وخطوطاً مرسومة يقوم بها الجميع عندما يريدون تزويج الأولاد ذكوراً وإناثاً.
مراحل العرس التدمري..
– الخطبة.. بعد أن يقرر أهل الشاب أن يخطبوا له يبدؤون بالبحث عمن تناسبه و يكلفون بعض النساء بجس النبض واستشارة أهل العروس الذين يستمهلون للاستفسار والسؤال عن العريس قبل إبداء الموافقة المبدئية على الخطبة.
وعندما يصل إشعار القبول من أهل العروس يقوم العريس بتجهيز حلوى الخطبة وما يلزم من أشياء و يدعو الأهل والأصدقاء والجيران إلى الخطبة التي تحدد في يوم معلوم حيث تتلى آيات الذكر الحكيم وأقوال الرسول الكريم صلى الله عليه وآله وسلم و يتبادل الحاضرون عبارات المودة والمحبة و يتم تحديد معجل المهر ومؤجله وثمن الجهاز و كل ما يخص العروسين ثم تقرأ سورة الفاتحة والتبريكات وتقدم الحلوى بعدها.
– العقد .. ويسمى في تدمر الملاك حيث يجري استدعاء كاتب العقد ليسجل كل شيء في العقد وتقدم الحلوى ثم يذهب الحاضرون ويبقى أهل العروسين و يقومون بذبح ذبيحة فرحاً بهذه المناسبة.
– تأمين الجهاز .. يتم أخذ المبلغ المحدد من المال من أهل العريس و يسلم لأهل العروس من أجل تجهيز العروس بثوب العرس وبدلة الصمدة وصيغة العروس من المجوهرات والذهب والفرش واللحف والطراريح والمخدات والوسائد والرشقات والشراشف والمصليات وما إلى ذلك ويحدد يوم لغسيل الصوف حيث يتم الغسيل في الشريعة وهو مكان يصب فيه نبع أفقا وتدعى العروس وقريباتها وصاحباتها إلى غسيل الصوف ويذهبن منذ الفجر و يكون أهل العريس قد أعدوا طعام الغداء ثم يجفف الصوف وتصنع منه المخدات واللحف.
ولعل من أهم الأشياء في الجهاز صندوق العظم الأسود الذي لا يغيب عن جهاز العروسين و يوضع الجهاز في كارات وصرات ويكون جاهزاً للنقل إلى منزل العريس و كان ينقل قديماً على الإبل والخيل ويجوب شوارع المدينة كي يراه الناس أما الآن فيتم بالسيارات وتذهب بعض الصبايا من أجل ترتيبه في أماكنه.
– طعمة العروس .. وهي عبارة عن زيارة يقوم بها أهل الخاطب وأقاربه وجيرانه ويأخذون معهم الحلويات والهدايا والثياب وتقسم إلى قسمين صغيرة وكبيرة أما الصغيرة فهي تنكة حلاوة تنكة طحين 5 كغ سكر 1 كغ شاي وتأخذ النساء كل حسب مقدرتها والكبيرة فهي تنكة حلاوة تنكة طحين 5 كغ سكر 1 كغ شاي وكسوة العروس بالكامل من جوارب وأغطية رأس وأحذية وحقائب تأخذ النساء كل حسب مقدرتها.
– ليلة الحنة .. الليلة التي يتم فيها جبل الحنة وتكون قبل ليلة العرس حيث توضع الحنة للعروس إمرأة معروفة بأنها أنجبت الكثير من الذكور والقليل من الإناث على وجه التفاؤل ويجتمع الرجال والشباب عند العريس وتجتمع النساء والصبايا عند العروس و يقام العرس في منزل العريس ويدعى المطربون والمطبلون والمزمرون و قديماً كان العرس يستمر عدة أيام يقوم خلالها الطرفان بتقديم الولائم للضيوف ويضعون الحنة للعروس بشكل جميل ولائق وسط الزغاريد والأهازيج.
– حمام العروسين .. في صباح اليوم التالي للحنة يذهب أهل العريس و أصحابه إلى حمام تدمر الكبريتي الأثري وتذهب العروس وصديقاتها إلى حمام تحت الطاحونة نسبة إلى الطاحونة التي كانت موجودة في العهد القديم للاستحمام هناك وفي طريق العودة يقومون بالدبكات والرقصات و الغناء ويرددن الأهازيج ويدخل العريس إلى منزل أحد أقاربه لضيافته وتسمى الفوتة و يكون المضيف قد أعد طعام الغداء للضيوف.
– الصمدة .. وهي منطقة مرتفعة أو مصطبة تجهز لتجلس العروس عليها قبل الزفاف ويقوم العريس والعروس مساء بارتداء ملابس العرس ويرش العطر ويجري تزيين العروس ويكون مكان الصمدة مفتوحا لجميع الناس الراغبين بمشاركة العروس فرحتها.
– الزفة والدخلة.. يقوم الحضور بزف العريس إلى منزل العروس وهم يغنون وما أن يصل حتى يترجل من على راحلته وهي حصان أو ناقة ويدخل بيت العروس وحده و تقوم النساء برش الملبس والنقود ويجلس جانب العروس فترة قصيرة ثم يأتي أبوها أو أخوها أو وليها لإنزالها من على الصمدة دليلاً على حبه لها ويركب العريس والعروس على ظهر الخيل أو الإبل المزينة والمزركشة والمعدة لهذا الغرض ويجولون في الشوارع وسط الأغاني والأهازيج إلى أن يصلوا إلى بيت العريس وقبل أن تدخل العروس إلى البيت تمسك بيدها قطعة عجين وتلصقها على باب البيت للتفاؤل.
– الصباحية .. أول صباح بعد العرس ويكون أهل العروس قد ذبحوا ذبيحة لإرسالها إلى بيت أهل زوجها وتسمى وليمة الصباحية و يدعى الأهل والأصدقاء والجيران ويتم تقديم النقوط للعروس دليلاً على تبادل الاحترام والمحبة.