الشركات الأمنية الخاصة في سوريا: وكلاء جُدُد في خدمة النظام السوري

وجد رجالات النظام السوري الأمنيون والعسكريون والسياسيون قرار الترخيص للشركات الأمنية الخاصة فرصةً استثماريةً جديدة، ومدخلاً إلى زيادة نفوذهم، وإيجاد موارد اقتصادية جديدة مغطّاة بشكل رسمي. وقد عكست تلك الشركات قوة الشبكات الزبائنية بين رجال الأعمال والمستثمرين، وبين القادة الأمنيين والعسكريين والسياسيين.

جاء ظهور تلك الشركات ردَّ فعلٍ على الخلل الأمني في مرحلة ما بعد العام ٢٠١١، حيث عوّض نشاطها إلى حدّ كبير عن النقص في عديد الشرطة، وساهمت في توفير الحماية لرجال الأعمال ومنشآتهم. كذلك حدّت تلك الشركات من تزايد نسبة الجريمة، وعمليات الخطف والابتزاز التي تعرّض لها رجال الأعمال بشكل متزايد خلال السنوات الأخيرة.

وقد ساعدت الشركات الأمنية أيضاً النظام السوري في الحفاظ على ولاء مقاتلي الميليشيات وأُسَر القتلى، من خلال تأمين فرص عملٍ لهم فيها بعد حلّ عددٍ كبيرٍ من الميليشيات، ناهيك عن فرص العمل التي أتاحتها لطلبة الجامعات من أبناء الطائفة العلوية في حمص ودمشق.

مقدّمة

أصدر بشار الأسد المرسوم ٥٥ للعام ٢٠١٣، مانحاً الترخيص لشركات خدمات الحماية والحراسة الخاصة، في خطوةٍ مفاجئةٍ من نظامٍ ديكتاتوري قمعيّ يعتبر قوة الدولة وسيطرة أجهزتها الأمنية جزءاً من تكوينه لا يمكن الاستغناء عنه.

فتح المرسوم باب الأسئلة على مصراعيه حول توجّه النظام نحو خصخصة القطاع الأمني. فهل الخطوة هذه جزءٌ من سلسلة التنازلات التي يقدّمها النظام لروسيا وإيران على الصعيدَين الاقتصادي والعسكري؟ أم هي استجابةٌ للديناميّات الداخلية، مثل حماية رجال الأعمال السوريين المقرّبين من الدائرة الضيّقة للنظام، أو أولئك المحسوبين على روسيا أو إيران، في ظلّ عجز الأجهزة الأمنية عن توفير الحماية لهم؟ أم هل جاءت عملية الخصخصة تلك استجابةً لحاجة النظام إلى إعادة دمج بعض رجال الميليشيات المنحلّة؟

الجزء الأول: الواقع الأمني والإطار القانوني للشركات الأمنية الخاصة

منعت الحكومة السورية الترخيص للشركات الأمنية على مختلف أنواعها منذ تأسيس الدولة السورية. فقد احتكر نظام حافظ الأسد القوة والأمن، وأبعد هذا الأخير حتى عن الوزارات المختصّة به، رابطاً إيّاه بشخصه، فيما ظلّت أجهزة الأمن السورية الجهة المسؤولة عن الحفاظ على أمن الدولة في فترة حكم الأسد طوال ثلاثين عاماً. وقد تخصّصت أجهزة الأمن كلٌّ منها بحسب الجهة المسؤول عنها، في حين بقيت وزارة الداخلية الجهة المسؤولة عن حماية المؤسسات الحكومية بقطاعاتها كافّة.

وصل عدد الشركات الأمنية إلى سبع شركات في دمشق، في أواخر العام ٢٠٠٧، وهي أسود إبلا، والذئب الأبيض، و”غروب ٤ سوريا”، والبجعة، وشركة CBS، والإمام للخدمات، و #شركة_جاد لخدمات السلامة، أقدم وأكبر شركة تُعنى بخدمات الحراسة والسلامة المهنية، إضافةً إلى شركتَين في حلب هما HCP وICCP.

في العام ٢٠٠٨، ومع توسّع نطاق عمل شركات الحراسة، وازدياد أعداد عمّالها وأرباحها، ضيّقت إدارة مخابرات أمن الدولة عليها من خلال محاولة تقاسم الأرباح معها، حتى إنها عيّنت ضبّاطاً من إدارة المخابرات العامة (أمن الدولة) مندوبين دائمين في مكاتب إدارتها. وبعد أن حاول جهاز أمن الدولة توظيف شركات الحراسة للتجسّس لصالح النظام في السفارات والبعثات الدبلوماسية والدولية، عمدت تلك الشركات إلى الإغلاق والانسحاب من السوق. وقد توازى ذلك مع ولوج رامي مخلوف سوق الشركات الخاصة، حيث كان فعلياً وراء تأسيس شركة “غروب ٤ سوريا”.

في مرحلة ما بعد العام ٢٠١١، ومع اتّساع رقعة الحرب السورية، أدّت فوضى السلاح إلى انتشار عصابات الخطف والسلب والسرقة في مناطق سيطرة النظام. وانعدم الشعور بالأمن الشخصي، خصوصاً لدى الصناعيين، والتجّار، وأثرياء المدن، الذين أصبحوا عرضةً للخطف مقابل فدى مالية كبيرة. كذلك ضعفت قدرة وزارة الداخلية على ضبط الأمن، بعد أن أسفرت الحرب عن انشقاق أكثر من ١٥ ألف شرطي، من أصل ٥٣ ألفاً، من مختلف إدارات الوزارة، عدا الموظّفين المدنيين، علماً أن أبرز المنشقّين يتبعون لجهاز قوى الأمن الداخلي، الذي بلغ عديده ٤٣ ألف شرطي بحسب إحصاء العام ٢٠١١. وبسبب انتفاضة أغلب محافظات الشمال والشرق ودرعا في وجه النظام، واعتكاف محافظة السويداء عن الالتحاق بالسلك الأمني والعسكري منذ العام ٢٠١١، لم تتمكّن الوزارة من سدّ النقص الكبير الذي شكّل ثلث تعداد ملاكها من المتطوّعين. إضافةً إلى ذلك، فضّل قسمٌ كبيرٌ من الموالين الالتحاق بالميليشيات على التطوّع في وزارة الداخلية، نظراً إلى ما تحقّقه الميليشيات للمنتسبين إليها من نفوذ ومردود ماليّ كبير، يتأتّى أساساً عن تعفيش المناطق التي يستعيد النظام السيطرة عليها.

وبما أن اختصاص إدارة الحماية والحراسة الخاصة في وزارة الداخلية يقتصر على حماية المؤسسات والبعثات الدبلوماسية، أنشأت الوزارة فرعاً جديداً يشرف على عمل الشركات الخاصة، ويُعرَف بـ”فرع شركات الحماية والحراسة الخاصة”، فيما تولّت شعبة الأمن السياسي إعطاء الموافقات الأمنية للعاملين في شركات الحراسة. وهذا يدلّ على زيادة تحكّم أجهزة أمن السلطة بكل شركة أمنية، وتدخّلها في توظيف كل عنصر من عناصرها. كذلك يتولّى مكتب الأمن القومي الإشراف على هذه الشركات، التي تحصل على السلاح عن طريق الاستيراد حصراً، بعد تقديم طلب لوزارة الداخلية، وأخذ موافقة وزارة الدفاع. ويحقّ لها استيراد أسلحة خفيفة، وفي الحدّ الأقصى أسلحة متوسّطة في حال كانت المنشآت نائية، وخارج المدن.

الجزء الثاني: مُلكيّة الشركات الأمنية ومحسوبيّاتها

ازداد عدد الشركات الأمنية الخاصة ازدياداً واضحاً في العامَين الأخيرَين، بعد أن برزت الحاجة إلى توسيع خريطة الانتشار الأمني نتيجة استعادة النظام السوري مساحاتٍ شاسعةً من البلاد، وبعد أن فرَضَ التحرّك على الطرق بين المحافظات اللجوءَ إلى شركات الترفيق والحماية. لكن على الرغم من العدد الكبير للشركات الأمنية المُرخَّص لها، والذي يقارب الـ٧٥ شركة، لا يزال قسمٌ كبيرٌ منها غير معروف، يقتصر عملُه على المنشآت الخاصة لأصحاب الشركات، وحماية أُسَرهم من الخطف، وحماية منشآت أخرى لأعضاء مقرّبين في غرف الصناعة والتجارة. يصل هذا القسم إلى حوالى ٥٠ شركة، يندرج أغلبها في الفئة الثالثة، مع نحو ٣٠٠ حارس فقط، في حين لا يتجاوز عدد الشركات الكبرى التي تسيطر على سوق قطاع الحماية والحراسة الـ١٥ شركة.

ولفهم دور الشركات وتبعيّتها، نقسّمها إلى خمس مجموعات رئيسية بحسب ملاكها ومديريها: أولاً، شركات تعود إلى رجال أعمال مستقلّين ابتعدوا عن السوق والمنافسة لصالح حماية أعمالهم المتعدّدة؛ ثانياً، شركات مقرّبةً من المخابرات العسكرية، وَرِثَت ميليشيات سابقة؛ ثالثاً، شركات مقرّبة من رامي مخلوف، بعضها يعمل عبر واجهات، وبعضها الآخر يتبع لرجال أعمال مقرّبين منه؛ رابعاً، شركات مقرّبة من إيران، تعمل لصالح مكتب أمن الفرقة الرابعة؛ خامساً، شركات روسية التبعية، تتولّى حماية حقول النفط والغاز والفوسفات التي ربحت استثمارها. لا بدّ من الإشارة إلى أن هذه المجموعات لا تشكّل تصنيفات جامدة، بل قد تتداخل في ما بينها كما سَيَرِد لاحقاً.

شركات مستقلّة

من الصعوبة بمكانٍ طبعاً الحديث عن استقلاليةٍ لدى الشركات في سوريا، ذلك أن معظم رجال الأعمال السوريين تربطهم، بشكلٍ أو بآخر، علاقات بالمؤسستَين الأمنية والسياسية، لكن ثمة هامشٌ من الاستقلالية لرجال الأعمال التقليديين البعيدين عن السياسة المباشرة، والذين لم يتورّطوا في تمويل ميليشيات شبه عسكرية. من بين هؤلاء رجل الأعمال مازن حمّور، مالك مجموعة حمّور المتخصّصة في مجال النفط والغاز والطاقة والسياحة، الذي حصل على الترخيص لشركة الوطنية لخدمات الحراسة والحماية، وله نصف ملكيّتها.

أما إحدى أبرز الشركات المستقلّة فهي #شركة_المحترفون لخدمات الحراسة وأنظمة الحماية والمراقبة – بروجارد، التي تفرّعت من شركة المجموعة العربية للمعارض، بعد أن حصلت هذه الأخيرة على موافقة وزارة الاقتصاد، في أواخر حزيران ٢٠١١، على توسيع أعمالها التي تشمل حراسة المعارض الخاصة والعامة. وُلِدَت الشركة من خلال تطوّر العلاقة بين شركة عقاد وشركة العربية للمعارض، وتأسّست برأسمالٍ قدره ٥ ملايين ليرة سورية (يعادل عند الترخيص ١٠٤ آلاف دولار).

يُعَدّ هاشم العقاد واحداً من أبرز الصناعيين السوريين التقليديين، وشخصيةً مقرّبةً من الجهاز الأمني في سوريا، ويُرجَّح أنه الرجل القوي خلف شركة المحترفون – بروجارد. كان العقاد عضواً في مجلس الشعب عن محافظة دمشق من الدور التشريعي السادس للعام ١٩٩٤، حتى العام ٢٠٠٢. في أواخر تموز ٢٠١٤، فرض الاتحاد الأوروبي عقوباتٍ على ٩ كيانات و٣ شخصيات سورية من بينها العقاد، وذلك بسبب دعمه السلطات السورية خلال سنوات الحرب. وقد جاء في قرار العقوبات، أن للعقاد أنشطةً ومصالح في قطاعات متعدّدة من الاقتصاد السوري، وتأثيراً كبيراً في “مجموعة أبناء أنور العقاد وشركتها المتحدة للنفط”.وبينما لم تفرض الولايات المتحدة أيّ عقوبات عليه، بالرغم من قربه من السلطات السورية، فرضت وزارة المالية السورية، في ٢٨ شباط ٢٠٢٠، حجزاً احتياطياً على أمواله لمخالفته أحكام الاستيراد، بتهريبه بضاعةً تجاوزت قيمتها الخمسة مليارات ليرة، وهو إجراءٌ استخدمته السلطات ضدّ العديد من حيتان المال المقرّبين منها. فضلاً عن ذلك، كان العقاد صندوق بريدٍ بين واشنطن وآصف شوكت وفقاً لوثيقةٍ نشرها موقع ويكيليكس.

شركات وَرِثَت الميليشيات

تضمّ المجموعة الثانية من الشركات الأمنية تلك التي وَرِثَت الميليشيات الموالية بعد قرار حلّها بضغط روسي في العام ٢٠١٧، وأبرزها #العرين_لخدمات_الحراسة، والدرع للحراسات الأمنية، والفجر لخدمات الحراسة والحماية. يتركّز نشاط هذه الشركات بشكل رئيسي في دمشق وحلب، ومعابر دير الزور، وبين مدن حلب وحماة وحمص ودمشق، ومن مينائَي اللاذقية وطرطوس، وصولاً إلى المدن الرئيسية أيضاً، ومن معبر القائم الحدودي مع العراق، وصولاً إلى دمشق وحلب. كما سبق أن نشطت بين المعابر الداخلية في إدلب وحلب قبل إغلاقها عقب سيطرة النظام على المنطقة مطلع العام ٢٠٢٠.

تأسّست #شركة_العرين لخدمات الحراسة في دمشق، في ١٩ تشرين الأول ٢٠١٧، ويملكها ويديرها الأخوان أسامة وعامر المالكي المقرّبان من إيران. تعمل الشركة في مجال حماية المنشآت الخاصة والمصارف، والترفيق بين دمشق والمناطق الشرقية وحلب. وتُعتبَر العرين للحراسة التحوّل الجديد لميليشيا سرايا العرين ٣١٣ التابعة للمخابرات العسكرية، ذلك أن نصف موظّفيها من المقاتلين السابقين في الميليشيا، ولا سيما في ريف حمص الشرقي والقلمون. بعد حلّ معظم الميليشيات برغبةٍ روسيةٍ، وضمّها إلى الفيلق الخامس في العام ٢٠١٨، توزّع عناصرها على شركة العرين وقوات سند الأمن العسكري. وتعمل العرين على حماية بعض المنشآت في مدينة دمشق، مثل المركز التجاري “قاسيون مول” لمالكه وسيم قطان، المُدرَج على لوائح العقوبات الأوروبية في شباط ٢٠٢٠. وعلى الرغم من ترويج الشركة الكبير لعملها، تتجنّب ذكر أسماء عملائها على فايسبوك، ناهيك عن أنها تمتلك موقعاً إلكترونياً متوقّفاً عن العمل.

ومن أبرز الشركات في هذا التصنيف أيضاً #شركة_الدرع للحراسات الأمنية، التي حصلت على موافقة وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك باسم شركة “الدرع للحراسات الأمنية” محدودة المسؤولية. وأسّس الشركة كلٌّ من محمد حمّاض، المموّل المُعلَن لميليشيا درع الأمن العسكري في الساحل السوري، ويوسف وفيق سليمان، وتُعَدّ تحوّلاً لميليشيا درع الأمن العسكري التي شكّلها وموّلها حمّاض. هذا الأخير هو ابن العميد مصطفى حمّاض، ضابط المخابرات النافذ في ثمانينيات القرن الماضي، ويثير حمّاض الجدل بسبب حجم ملكيّته، حيث يرى متابعون أنه لا يملك ثروةً تمكّنه من الإنفاق على ميليشيا كبيرة مثل درع الأمن العسكري، وأن عديله (زوج أخت زوجته) السابق سامر فوز هو المموّل الحقيقي للميليشيا. جديرٌ ذكره أن محمد علي سلهب، الملقّب “أبو علي سلهب”، وبديع سعيد، المُلقَّب “أبو إسماعيل”، كانا أيضاً من القادة العسكريين لهذه الميليشيا. أما شريك حمّاض، يوسف وفيق سليمان، فيتزعّم في الأساس فريقاً من الشبيحة يُعرَف بـ”الدفاع المدني”. هذا وتشير وثائق وزارة الداخلية التي اطّلع عليها الكاتب، إلى نقل حصّة سليمان إلى شريكةٍ جديدةٍ هي نهلة طرابيشي. ومع الضغط الروسي لحلّ الميليشيات في العام ٢٠١٨، تحوّل قسمٌ كبيرٌ من عناصرها إلى الدفاع الوطني، فيما انتقل عناصر منطقة القلمون إلى قوات سند الأمن العسكري الناشئة والمدعومة من روسيا. لكن أحوال محمد حمّاض ساءت بسبب تراجع علاقته بفوز، وإن حافظ على علاقةٍ جيدةٍ بالنظام والقيادة الروسية في منطقة الساحل السوري.

أما #شركة_الفجر لخدمات الحراسة والحماية، فتأسّست في ٢٨ كانون الثاني ٢٠١٨،ويملكها خالد وليد أباظة، ويديرها لورانس مظهر حلاو. نشطت الشركة في مدينة حلب بشكل لافت، إضافةً إلى دمشق، وهي تقوم أيضاً بترفيق البضائع التجارية بين المحافظات، وتتنافس مع شركة القلعة على التواجد في معبر نصيب الحدودي مع الأردن. وأباظة هو ابن اللواء وليد أباظة، أسّس ميليشيا الدفاع الوطني في القنيطرة في العام ٢٠١٢، التي تحوّلت إلى فوج الجولان التابع للقصر الجمهوري منذ العام ٢٠١٤. ولا يزال أباظة قائد الفوج شبه العسكري على الرغم من تولّيه منصب أمين فرع حزب البعث في محافظة القنيطرة منذ العام ٢٠١٧. ينتمي أباظة إلى عائلة شركسية موالية للقصر الجمهوري، إذ تربطها علاقةٌ تاريخيةٌ بحافظ وبشار الأسد، حيث اعتمد بشار على والد أباظة المتقاعد لقمع الاحتجاجات، وتأسيس ميليشيا شركسية في العام ٢٠١٣. كما إن والدة أباظة، جانسيت قازان، عضو في مجلس الشعب عن محافظة القنيطرة. أما المالك الآخر لشركة الفجر فهو من قرية عين النسر الشركسية في شرق حمص، وغير معروف سابقاً على الإطلاق في الأوساط الاقتصادية.

شركات مقرّبة من رامي مخلوف

كان رجل الأعمال رامي مخلوف، ابن خال بشار الأسد، يملك بشكل مباشر أو غير مباشر مجموعةً من الشركات الأمنية الناشطة في مناطق الساحل وحمص ودمشق، ومنها قاسيون للخدمات الأمنية، والحصن لخدمات الحراسة، وألفا لخدمات الحراسة والحماية، وفالكون للمنظومات والخدمات الأمنية.

حصلت #شركة_قاسيون للخدمات الأمنية على أول رخصةٍ لشركةٍ أمنيةٍ في ٢٨ تشرين الأول ٢٠١٣، بموجب مرسوم الشركات الخاصة، وفقاً لموقع الاقتصادي، في حين تذكر مواقع محلية أن الشركة حصلت على الترخيص في وقت لاحق من نيسان ٢٠١٤. هذا التضارب يشي بأن الشركة حصلت على الإذن بالعمل قبل إطلاق وزارة الداخلية لائحة التعليمات التنفيذية، ومن دون تسمية مالكها، ليتبيّن في نيسان ٢٠١٤ أن مديرها العام والشريك في التأسيس هو المهندس حبيب خليفاوي جزايرلي، غير المعروف في وسط رجال الأعمال. أما الشريك الآخر فهو عضو المجلس القومي للحزب السوري الاجتماعي، ريمون عين الشايبة، المقرّب من رامي مخلوف. كان أحد أهداف الشركة حماية أنابيب النفط وتجهيزاتها في حمص ودير الزور، وقد حصلت في كانون الثاني ٢٠١٨ على إذنٍ بترفيق البضائع والمشتقّات النفطية القادمة من دير الزور والحسكة.

في كانون الثاني ٢٠١٤، تأسّست #شركة_الحصن لخدمات الحراسة والحماية، لمالكَيها عمار محمد وسميح عاقل، في مدينة جرمانا، في ريف دمشق. وحصلت على ترخيص الفئة الأولى أي لما يزيد عن ٨٠١ حارس، وهو رقمٌ كبيرٌ لشركة أمنية محدثة. واللافت أن عاقل يمتلك حصّة قدرها سهم واحد في الشركة، بما يعادل ٥٠ ألف ليرة سورية. وعاقل شريك مؤسّس في شركة بيشاور للاستثمار، المُؤسّسة في العام ٢٠١٥، والتي يملك إيهاب مخلوف، شقيق رامي مخلوف، ٩٩.٨ في المئة من أسهمها، وسميح عاقل ٠.١ في المئة فقط. وتملك بيشاور ٤٠ في المئة من شركة المدينة للتطوير العقاري التي أسّسها رامي مخلوف في أيلول ٢٠١٧.

في ٣ شباط ٢٠١٤، رُخّص لشركة فالكون للمنظومات والخدمات الأمنية محدودة المسؤولية، وهي من أولى الشركات الأمنية التي حصلت على ترخيص مبكر بعد التعليمات التنفيذية التي أصدرتها وزارة الداخلية. والشركة مملوكة من حيان بدر جريكوس، وريمون جرجس عين الشايبة، الشريك المؤسّس في شركة قاسيون للخدمات الأمنية، المقرّب من رامي مخلوف. يدلّ الترخيص القانوني للشركتَين إلى أن عين الشايبة حصل على ترخيص فالكون قبل الترخيص الرسمي لقاسيون بنحو شهرين. كما إن الشركة تُعلِن على موقعها الرسمي على الإنترنت أن من بين عملائها شركات سيريتيل، وأجنحة الشام، و”ميلك مان”، وهي مرتبطة برامي مخلوف أو مملوكة منه.

في مطلع العام ٢٠١٧، بدأت شركة ألفا لخدمات الحراسة والحماية نشاطها، وفي حزيران ٢٠١٧، حصلت على قرار موافقة وزارة الاقتصاد. في أيلول ٢٠١٧، وافقت وزارة الداخلية على الترخيص للشركة، التي يملكها فؤاد نزيه بوز ومازن عفيف الظريف، وكلاهما مقرّب من إيهاب مخلوف. وصَنَّف القرار فئة الترخيص بالفئة الثالثة، أي لما بين ٣٠٠ و٥٠٠ حارس، فيما حُدّد مقرّ الشركة في مدينة جرمانا، في محافظة ريف دمشق. إلا أن وزير التجارة الداخلية وحماية المستهلك، طلال البرازي، شطب السجل التجاري العائد لشركة ألفا للحماية والحراسة والأنظمة الأمنية محدودة المسؤولية في ٢١ أيار ٢٠٢٠، من دون إيضاح الأسباب، وذلك بالتزامن مع قرار شطب شركة فالكون المقرّبة من رامي مخلوف، ما يعزّز فرضية تبعيّتها لمخلوف.

شركات تعمل لصالح أمن الفرقة الرابعة

إضافةً إلى ما سبق، تعمل مجموعةٌ من الشركات الأخرى لصالح مكتب أمن الفرقة الرابعة، حيث تقوم مهمّتها على إيجاد فرص عملٍ للمقاتلين السابقين في الميليشيات، وأُسَر قتلى الجيش والميليشيات من أبناء الطائفة العلوية، خصوصاً في حمص وضواحي مدينة دمشق، وعدم التخلّي عنهم بعد تطوّعهم لحماية المكتب، وذلك حفاظاً على الرابط الاجتماعي داخل الطائفة. تسيطر تلك الشركات على غالبية السوق، وتتولّى بشكلٍ خاص حماية المنظمات الدولية، والبنوك، والسفارات، والبعثات الدبلوماسية، إضافةً إلى مهام الترفيق بين المعابر والمدن الرئيسية.

تُمثّل #شركة_شروق للحماية والحراسة، التي عُرِفَت بدايةً باسم شروق للخدمات والسلامة المهنية، واحدةً من أقدم الشركات السورية التي عملت باكراً في قطاع الحراسة والحماية تحت عنوان السلامة المهنية. مديرها التنفيذي هو خلدون العظمة، ومديرها العام وائل محمد الحو، عضو مجلس إدارة غرفة تجارة دمشق، المقرّب من رجل الأعمال محمد حمشو، رجل ماهر الأسد وواجهته الاقتصادية. والحو خرّيج جامعات روسية، تربطه علاقةٌ تجاريةٌ وثيقةٌ بالروس، وهو وكيل شركة SLS لأنظمة الحماية العالمية الروسية في الشرق الأوسط.

ويُعَدّ رجل الأعمال ماهر الدسوقي شريكاً مؤسّساً وواجهةً لـ”غروب ٤ سوريا”، في حين يبقى الشريك الثالث، الذي يملك ٣٠ في المئة من الأسهم، بعيداً عن الواجهة ومجهولاً. والدسوقي هو عضو مساهم في شركة شام القابضة، ومقرّب من رجل الأعمال البارز نادر قلعي، الموضوع على قوائم عقوبات الاتحاد الأوروبي. يملك الدسوقي أيضاً مجموعة الدسوقي، التي انقسمت إلى ثلاثة أقسام في العام ٢٠١٢، أحدها “غروب ٤ سوريا”، التي كانت تعمل تحت اسمٍ آخر هو دلتا لأنظمة الحماية.

واللافت أن ماهر الأسد تفرّد بالشراكة مع “غروب فور سيكيوريتي”، عملاق الشركات الأمنية في العالم، عبر مجموعة الدسوقي، في خطوةٍ تُعَدّ من أبرز المحرّمات لدى نظامٍ بوليسي لاحَقَ معارضيه وسجَنَهم بتهمة التواصل مع الخارج طوال خمسين عاماً. ناهيك عن ذلك، استمرّت الشركة في العمل على الرغم من مخالفتها المرسوم ٥٥ للعام ٢٠١٣، الذي يحظّر عليها أن تكون فرعاً لشركةٍ عربيةٍ أو أجنبية، أو أن تتعامل مع شركات خارج القطر.

جدير ذكره أن مدير عام الشركة في بداية نشاطها كان ضابطاً سابقاً في الأمن الجنائي التابع لوزارة الداخلية، يُدعى أسعد وردة، إلى أن عُيّن مكانه محمد ديركي في العام ٢٠١٨، ولكن الأخير بقي واجهةً إعلامية. بيد أن المدير الفعلي للشركة والمسؤول الأمني فيها هو المهندس إيهاب الراعي، أخو زوجة خضر الطاهر، الذي أصبح والده محمد صالح الراعي، بفضل الشراكة المالية والنفوذ الكبير، عضواً في مجلس الشعب عن محافظة حمص، بعد ملء مقعدٍ شاغرٍ في أيلول ٢٠١٨. هذا ويدير فرع الشركة في حلب قصي أحمد.

بدأت القلعة نشاطها بحماية الحجّاج الشيعة، وهي تُصنَّف من أهمّ الشركات السورية العاملة في مجال تنسيق السياحة الدينية، حيث عملت منذ العام ٢٠١٣ على مرافقة الزوّار الشيعة من مطار دمشق إلى المراكز الدينية. يتجلّى نشاط الشركة بوضوح في منطقة السيدة رقية، في دمشق القديمة، حيث تمتلك مقرّاً ثابتاً لها، وفي منطقة السيدة زينب جنوب دمشق، وفي بعض المصارف المهمّة، والشركات الخاصة. تُعَدّ شركة القلعة أيضاً أكثر الشركات فعاليةً من حيث المال والسلاح والعناصر، إذ إن معظم عناصرها كانوا متطوّعين في الفرقة الرابعة.

استهلّت الشركة عملها الفعلي في العام ٢٠١٣، بشراكةٍ بين الطاهر ورجال أعمال عراقيين، حيث اشترى الطاهر حصّة الشركاء العراقيين، فتحوّلت بذلك إلى شركة سورية. وقد برزت شركة القلعة إلى العلن باسم الشركة الوطنية للحماية والحراسة، تحت إدارة محمد ديركي، الذي لا يزال يشغل هذا المنصب. ويتطابق ذلك مع الاسم القديم للشركة على صفحتها على الفايسبوك، ثم تغيّر الاسم مع الترخيص الرسمي.

تسيطر القلعة على معابر التهريب مع لبنان والعراق، كما تسيطر إلى جانب الفرقة الرابعة على المعابر الواقعة بين مناطق سيطرة النظام ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية. كذلك تتحكّم الشركة بترفيق بضائع الترانزيت القادمة من تركيا عبر معبر عون الدادات، أو معابر شمال غرب سوريا، في قلعة المضيق، ومورك، وأبو دالي، والعيس، والمنصورة. وتسيطر القلعة أيضاً على معبر نصيب الحدودي مع الأردن، حيث تفرض على العابرين رسوم غير قانونية، وعلى التجار مبالغ ماليةً بداعي ترفيق القوافل التجارية، وتأمين سلامتها. فضلاً عن ذلك، تشرف الشركة على تأمين مرور البضائع التجارية من مرفأ طرطوس إلى كلّ من دمشق وحمص وحلب، علماً أن عناصرها يحملون بطاقةً باسم مكتب أمن الفرقة الرابعة، التي يرأسها اللواء ماهر الأسد، تُسهّل تنقّلاتهم عبر الحواجز الأمنية والعسكرية.

في ٢٧ تشرين الأول ٢٠١٩، وسّعت الشركة نشاطها ليطال ريف دمشق، بموجب قرار وزارة الداخلية. وهي تعلن صراحةً، عبر مكتبها الإعلامي، أنها تسعى إلى تأمين فرص عملٍ للشباب، والحدّ من البطالة، ولا سيما لدى ذوي الشهداء، الأمر الذي يفسّر وجود العدد الكبير من العناصر السابقين في الدفاع الوطني ضمن موظّفيها.

في أواخر العام ٢٠١٨، ازدادت شكاوى التجّار والصناعيين الحلبيين من شركة القلعة، وما تفرضه من إتاوات على المعامل والقوافل التجارية، حتى أدّى تضييقُها الكبير على التجّار إلى خروج الخلاف إلى العلن. ففي برنامج تلفزيوني على قناة الإخبارية السورية، في ٢٤ شباط ٢٠١٩، وصف رئيس اتحاد غرف الصناعة السورية، فارس الشهابي، صاحبَ شركة القلعة بأنه واحدٌ من رجال مافيات الحرب في سوريا، قائلاً إن المواد المُهرَّبة تدخل من تركيا عبر معابر غير منضبطة، يديرها لصوص ورؤوس كبيرة معروفة من الدولة السورية. ولفت إلى أن “أبو علي خضر” هو من بين هؤلاء، واتّهمه بفرض إتاوات على المصانع، وإلحاق الضرر بصناعة البلاستيك في حلب وأصحابها، واصفاً إيّاه باللص والمهرّب والمجرم السابق. وذكر الشهابي أن مثل هؤلاء أصبحت لديهم ميليشيات لا تقوى الضابطة الجمركية على مواجهتها. أتى هجوم الشهابي مدعوماً بقرارٍ من وزير الداخلية، اللواء محمد خالد رحمون، يمنع التعامل مع خضر الطاهر واستقباله والاتصال به، لكن الوزير ما لبث أن تراجع عن القرار بعد أسبوعَين. شكّل ذلك تحدّياً كبيراً لهذا الوزير، الضابط في جهاز المخابرات الجوية، والرئيس السابق لإدارة الأمن السياسي، الذي يُعَدّ أبرز وزراء النظام. وعكس هذا التحدّي مدى الدعم والرعاية اللذين يحظى بهما الطاهر من الفرقة الرابعة، ومكتبها الأمني، وعلاقته الوطيدة برئيسه. وهكذا، مع نجاح الطاهر في تحدّي وزير الداخلية، كُرّس بوصفه جزءاً من الشبكة الاقتصادية لماهر الأسد، وأخذ الجميع يتجنّبه.

تتبع للفرقة الرابعة أيضاً شركتا المهام للحماية والحراسة الخاصة، وأليب للحلول والدراسات الأمنية، اللتان يملكهما آل القاطرجي. وقد رُخّص لشركة المهام، ومقرّها مدينة حلب، في ١٥ آذار ٢٠١٧. والشركة جزءٌ من مجموعة قاطرجي، عملت بوصفها مجموعة مهام خاصة تابعة للمخابرات العسكرية، ويملكها مناصفةً غياث بن محمد #قاطرجي وعبد الله بن محمد نزار قاطرجي. تعمل الشركة، التي كان لها نشاطٌ في دير الزور أيضاً، في مجال تقديم خدمات حماية المنشآت وحراستها، وحراسة الممتلكات والوثائق والأفراد، ونقل الأموال والمجوهرات والمعادن الثمينة، إضافةً إلى نشاطها في مجال حماية وحراسة قوافل الغاز والنفط والقمح والشعير القادمة من شرق الفرات.

أما #شركة_أليب للاستشارات والحلول التقنية، فحصلت على الترخيص في ٢ آب ٢٠١٦، وهي جزءٌ من مجموعة القاطرجي الدولية، التي يملكها الأخوة قاطرجي، ويرأس مجلس إدارتها حسام قاطرجي، والتي عملت كشركةٍ أمنيةٍ في وقت لاحق غير محدّد التاريخ، بهدف قوننة عمل ميليشيا “قوات القاطرجي”. وقد تولّت هذه الأخيرة، إضافةً إلى قتالها إلى جانب الفرقة الرابعة في المعارك ضدّ داعش في شرق سوريا، وضدّ فصائل المعارضة في حلب وإدلب، حراسةَ بعض حقول الغاز، ومرافقة صهاريج النفط من مناطق داعش سابقاً، ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية حالياً، إلى مناطق سيطرة النظام. ويُعَدّ الأخوة قاطرجي واجهةً من واجهات الفرقة الرابعة الاقتصادية.

شركات مقرّبة من روسيا

تنظر روسيا إلى وجودها العسكري في سوريا على أنه أولويةٌ قصوى، محاولةً إعادة بنائه وبناء المنظومة الأمنية السورية بشكلٍ يحدّ من النفوذ الإيراني المتّسع. فهي سَعَت لهذه الغاية إلى تأسيس قوات عسكرية رسمية تتبع للجيش السوري، مثل الفيلق الخامس والفرقة ٢٥، في خطوةٍ تصبّ في إطار هيكلة قوات النمر، وجعلها أكثر تنظيماً. أما مجموعة الشركات الأمنية التابعة لروسيا فتختلف في طبيعتها من حيث التدريب والمهمة، إذ إنها أقرب للقوات الخاصة وقوات النخبة من القوات العادية، وتشرف عليها شركة “فاغنر”، وتدرّب عناصرها، وتشاركها في الأعمال القتالية. تقوم مهمّة هذه الشركات على حفظ الموارد والمنشآت التي حصلت عليها موسكو من نظام الأسد، في حين لا تتولّى أيّ مهام حراسة وحماية خارج نطاق المصالح الروسية، فتبقى بذلك خارج إطار المنافسة على مهام باقي الشركات الأمنية الخاصة.

تُعَدّ هذه المجموعة من الشركات الأقلّ عدداً وانتشاراً، حيث تضمّ شركتَين فقط، هما “صائدو داعش”، وسند للحراسة والخدمات الأمنية. تعمل الشركتان في مناطق الاستثمارات الروسية في البادية السورية ودير الزور، بغية حماية حقول النفط والغاز والفوسفات من هجمات داعش هناك.

تأسّست شركة “صائدو داعش” بدعم روسي كامل مالياً وعسكرياً، في بلدة السقيلبية في ريف حماة الشمالي، وقد حصلت على ترخيص تجاري من مديرية التجارة الداخلية في حماة، في ١٦ آذار ٢٠١٧، تحت اسم شركة الصياد لخدمات الحراسة والحماية محدودة المسؤولية. يملكها ثلاثة شركاء هم أديب أمين توما، ويسار حسين إبراهيم، وفواز ميخائيل جرجس، الذي عُيّن مديراً لها. والأخير هو طبيب ومدرّس في جامعة تشرين، مقرّب من الروس، زوجته روسية، ونجله حائزٌ على وسامٍ من الرئيس الروسي في العام ٢٠١٨.

تعمل الشركة منذ تأسيسها باسم “صائدو داعش” تحت إشرافٍ كاملٍ من شركة “فاغنر”، التي أنشأت لها معسكر تدريبٍ في ريف حماة، وشاركت معها في معارك ريف حماة الشرقي ضدّ داعش. وفي صيف العام ٢٠١٧، برزت الشركة في مجال حماية حقول النفط والغاز غرب تدمر، والفوسفات في حقل خنيفيس، وحماية المستودعات الرئيسية قرب مطار تياس المعروف أيضاً بـ”مطار تيفور” (T4). هذا وكان لـ”صائدي داعش” دورٌ كبيرٌ في السيطرة على مدينة تدمر، كما أوكِلَت إليها حماية طريق تدمر حمص في تلك الفترة.

في خريف العام ٢٠١٧، بدأت محاولات “فاغنر” ومعها شركة “صائدو داعش” التقدّم إلى حقول النفط على الضفة الشرقية لنهر الفرات، حيث سيطرت الشركة على الجزر الصغيرة في نهر الفرات، وأَسَرَت ٢٥٠ عنصراً من داعش. لكن الطيران الأميركي قتل، في ٧ شباط ٢٠١٨، نحو ٢٥٠ عنصراً من ميليشيا “فاغنر” و”صائدي داعش”، ومقاتلين من جيش النظام والقوات الرديفة له، من بينهم حوالى ٢٠ قتيلاً من “صائدي داعش”.

ومع أن آخر مشاركة عسكرية ميدانية لـ”صائدي داعش” في الغوطة، كانت في نيسان ٢٠١٨، لا تزال الميليشيا مستمرّةً بصفتها شركة حراسة أمنية، وقد نقلت مقارّها الرئيسية إلى مناطق البادية، حيث تتولّى حراسة الاستثمارات الروسية في حقول النفط والغاز. ويدير “صائدي داعش” منذ العام ٢٠١٩ المهندس عهد ميخائيل الوكيل، المقرّب للغاية من روسيا.

أما الشركة الأمنية الثانية التي أسّسها الروس في سوريا، في ٢٢ تشرين الأول ٢٠١٧، فهي #شركة_سند للحراسة والخدمات الأمنية. حصلت الشركة على قرار الترخيص من وزارة التجارة الداخلية بعد شهر على تأسيسها بشراكةٍ بين أحمد خليل وناصر ديب. ويبدو أن الرجلين مغمورَين، لم يُسجَّل لهما نشاط تجاري لافت، بل وُلِد اسمُهما في السوق التجارية بعد الترخيص للشركة، لتبيّن لاحقاً أن ناصر ديب هو أحد شركاء خضر طاهر، “أبو علي خضر”، ومجرّد مشغّل أموالٍ لديه. تجدر الإشارة إلى أن الرجلَين أسّسا أيضاً شركة “السورية للمعادن والاستثمار” في ٢٠١٨، ومقرّها دمشق. والواقع أن سند بقيت حبراً على ورق، على الرغم من الترخيص لها، ولم تسجّل نشاطاً يُذكَر حتى بدء النشاط الروسي الاقتصادي في استخراج الفوسفات والنفط والغاز، في ريف حمص الشرقي، وريفَي الرقّة ودير الزور.

دمجت روسيا الشركة الوليدة مع ميليشيا قوات سند الأمن العسكري، التي سبق أن نصّبت العميد رسلان إسبر قائداً لها، وهو ضابط علوي يتحدّر من قرية جنينية رسلان شرق محافظة طرطوس. وتشير الصور التي ينشرها عناصر قوات سند الأمن العسكري، إلى تواجدهم في منطقةٍ شبه صحراوية متنوّعة بالقرب من معمل الفوسفات في خنيفيس وتدمر، والطريق الواصل بين تدمر ودير الزور. هذا وتعتقد مصادر صحافية أن نقاط تواجد قوات سند تقع في منطقة حميمة بين بادية حمص ودير الزور، ومحيط حقل التيم في بادية دير الزور الجنوبية، وبادية منطقة الشولا، وفيضة ابن موينع، ومحطة الضخّ النفطية الثانية (T2)، ومنطقة أخضر مي في بادية الميادين.

 

مصدر البحث: “منهل باريش” باحث سوري يعمل ضمن المشروع البحثي “زمن الحرب وما بعد الصراع في سوريا”، في برنامج مسارات الشرق الأوسط، الذي يشرف عليه مركز روبرت شومان للدراسات العليا التابع للجامعة الأوروبية في فلورنسا.

البحث كاملاً من المصدر