الشتاء يضاعف معاناة نازحي ومهجري تدمر

في وقت تلاشى فيه حلم العودة إلى البيت والمدينة، تنوعت ألوان المعاناة لدى سكان مدينة تدمر، وأصبح فصل الشتاء يشكل الهاجس الأكبر من معاناتهم، كون الغلاء الجنوني في أسعار المحروقات والحطب وعدم قدرتهم على تأمين وسائل التدفئة، 

وتعقيباً على ذلك، يقول النازح “علي الحسين”النازح في ريف إدلب“، إن “أهالي المنطقة قبل الحرب كانوا يعتمدون بشكل أساسي على مادة المازوت في التدفئة، إلا أن تردي الأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار الوقود ونقصها، اضطرهم لإيجاد بدائل عديدة توفر لهم الدفء بأقل التكاليف، حيث لم يعد بمقدور الأهالي تأمين المازوت والغاز والحطب لندرة وجودها وغلاء أثمانها “، مؤكدا أن ”المنطقة العائمة على بحر من النفط“ كما وصفها، باتت تعتمد على وسائل بدائية لم تعد تُستخدم منذ أكثر من ”نصف قرن“. 

وتابع قائلاً: إن “الحصول على المحروقات من أجل التدفئة، أصبح من الرفاهيات المنسية بين الأهالي، وخاصةً بعد أن تجاوز سعر اللتر الواحد من المازوت الـ 1000 ليرة سورية، وبذلك تقدر القيمة الإجمالية لبرميل المازوت بـ250 ألف ليرة”. 

أمّا مواد التدفئة التقليدية الأخرى من الحطب الجاف وقشر الفستق والفحم أو البيرين حال توفرها، فقد أصبحت حكراً على العائلات الميسورة. 

تقول “أم محمود” التي تقيم مع أبنائها في ريف حلب الشرقي: “أعمل مع ابني على تنظيف حظائر المواشي، على أن لانتقاضى أجرنا بالكامل مقابل حصولنا على مخلفات الحيوانات،  فهي غير صالحة للتداول البشري ولكنها ستكون مادة رئيسية نستخدمها بالتدفئة خلال فصل الشتاء”. 

وأضافت “أم محمود”: “كان خيارنا هو استخدام مادة الجلة، بعد أن حالت مقدراتنا المادية دون تأمين مواد التدفئة التقليدية”، مضيفةً بأنه”رغم الأضرار الصحية المترتبة على استخدامها، إلا إنه لا خيار أمامنا غير أن نستعمل ما هو متاح لنا بالمجان لنقاوم البرد الذي لا يرحم”. 

الاحتطاب 

خلال السنوات الأخيرة ومع ترافق الفقر مع الجهل، وتفاقم الحاجات الاقتصادية، اضطر كثير من أهالي تدمر ومعظم النازحين في الشمال السوري بالتوجه لقطع  الأشجار للاحتطاب بغاية التدفئة، ولكن سرعان مالبث أن انتشر القطع العشوائي من قبل البعض الآخر ليصبح أحد أنواع التجارة العلنية. 

 مخيم الركبان

لا يخفى على مواطن سوري، وضع مخيم الركبان الصحراوي وقاطنيه في البادية السوري، حيث تنتشر هناك المعاناة والفقر والعوز بكل أشكالهم، فلا وقود كاف للأهالي وإن توفر فليس لدى معظم النازحين ثمنه. كما يقع المخيم في بقعة جغرافية قاحلة، لا يتواجد فيها لا شجر ولا بقاياه، الأمر الذي فاقم معاناة قاطنيه على مدى اعوام.

ويضطر معظم قاطني مخيم الركبان لاستخدام البقايا والمخلفات والقمامة لتأمين ما يقيهم برد الشتاء وقسوته.