لا يبدو نحو 12,700 سورياً ما يزالون في مخيم الركبان للنازحين معنيين أو حتى مستهدفين بإجراءات الحجر الصحي التي اتخذها كل من الأردن وسوريا اللذين يقع المخيم في بقعة من الصحراء الفاصلة بينهما، لمواجهة وباء فيروس كورونا.
وإذا كان “الركبان” يعيش “منذ سنوات” عزلة أشبه ما تكون بـ”الحجر الصحي” الذي يطبق حالياً، “بفعل الحصار المفروض علينا” كما وصف الناشط الإعلامي عماد غالي لـ”سوريا على طول”، فإن ظهور الوباء العالمي قد أدى إلى تعميق هذا الحصار. يظهر ذلك خصوصاً مع إغلاق النقطة الطبية التابعة لمنظمة “اليونيسيف” في المخيم منذ 18 آذار/مارس الحالي، كما ذكر الممرض شكري شهاب، مدير نقطة تدمر الطبية، لـ”سوريا على طول”، كأحد الإجراءات الاحترازية لمواجهة تفشي “كورونا”.
حصار طبي
عُزلة “الركبان”، الذي لا يقيم فيه أي طبيب، قد تمنع أو تؤخر وصول الوباء العالمي إليه. إذ لا بد لحصول العدوى من “دخول مصابين إلى المخيم أو وصول الفيروس عن طريق أسطح الأشياء التي قد تصل إلى هناك عن طريق المواد الغذائية أو الطبية وغيرها”، بحسب الدكتور مصطفى الدغيم، مسؤول الرقابة الدوائية في مديرية صحة إدلب. محذراً في حديثه إلى “سوريا على طول” من أن “الفيروس قد يبقى حياً على بعض الأسطح، مثل أكياس النايلون والبلاستيك، مدة 72 ساعة إذا ما توافرت له ظروف مواتية من حرارة ورطوبة”.
لكن آخر قافلة مساعدات إنسانية مشتركة للأمم المتحدة والهلال الأحمر العربي السوري، تحتوي مواد طبية، كانت دخلت المخيم في شباط/فبراير الماضي، ونفدت بطبيعة الحال “في غضون أربعة أشهر فقط”، بحسب شهاب.
كذلك، عمدت حكومة دمشق إلى تشديد رقابتها على طرق التهريب الذي يعدّ وسيلة الإمداد الوحيدة لإدخال المواد الغذائية والاحتياجات الأساسية لأهالي المخيم، لاسيما منذ إعلان الأردن منع إيصال المساعدات عبر أراضيه في تشرين الأول/أكتوبر 2017 . وكما كشف مسؤول مكتب الشؤون المدنية في جيش مغاوير الثورة المتواجد في منطقة الـ55 القريبة من الركبان والخاضعة لسيطرة القوات الأميركية، فقد “قتل أحد المهربين منذ نحو أسبوعين على يد عناصر النظام أثناء محاولته الدخول إلى المخيم”.
على الرغم من ذلك، فإن غياب الخدمات الطبية داخل “الركبان”، واعتماد قاطنيه على نقطة “اليونيسف” التي تقع على بعد خمسة كيلومترات داخل الأراضي الأردنية، ينذر بكارثة طبية. إذ يضم المخيم، كما أوضح شهاب، “نقطتين طبيتين يشرف عليهما ممرضون، وتقدمان الخدمات الإسعافية وبعض الأدوية، إلى جانب إجراء الولادات الطبيعية”. ومن ثم، تُمثل نقطة اليونيسف المركز الوحيد الذي يقدم “معاينات طبية عبر أطباء مختصين، ويجري عمليات الولادة القيصرية، إضافة إلى إحالة المرضى أصحاب الحالات الحرجة إلى المستشفيات المتخصصة داخل الأراضي الأردنية”.
لذا، جاء صادماً خبر إغلاق نقطة “اليونيسف” بالنسبة للسيدة فاطمة، وهي واحدة من أصل أربع سيدات حوامل في الشهر التاسع يقمن في “الركبان”، ويحتجن لإجراء عمليات ولادة قيصرية. إذ يعني ذلك، كما قالت لـ”سوريا على طول”، “أنني وجنيني في خطر”.