كثف تنظيم “داعش” هجماته على مواقع قوات النظام السوري وحلفائه، مستهدفاً أحياناً منشآت وقوافل للنفط والغاز، الأمر الذي جدد الاشتباكات بين الطرفين وسط دعم روسي جوي لقوات النظام، لا سيما في منطقة البادية السورية التي باتت مسرحاً اساسياً لنشاط التنظيم في سوريا.
وبعدما كان قد أعلن عام 2014 إقامة “الخلافة” في مناطق سيطر عليها في سوريا والعراق، تكبّد “داعش” خسائر متتالية في البلدين وصولاً إلى انهياره في آذار (مارس) 2019.
لكن فلول التنظيم جددت هجماتها وانخرطت في حرب استنزاف ضد الجيش السوري والمقاتلين الموالين له والقوات الكردية التي حظيت بدعم واشنطن في التصدي لنشاطاته.
وركز “داعش” في الآونة الاخيرة هجماته في البادية السورية محولاً إياها إلى رمال متحركة تبتلع الأرتال العسكرية والقوافل التجارية، وحتى الحافلات المخصصة لنقل جنود النظام السوري، السؤال الأساسي، ما الذي مكن التنظيم من اتخاذ هذه البادية ميداناً رئيسياً له في سوريا؟
البادية السورية:
• يصل امتداد الصحراء إلى 80 ألف كيلومتر مربع
• تشكل مساحتها 48,5 في المئة من مساحة سوريا
• تتميز بتضاريس وكثبان رملية تسمح لعناصر التنظيم بالتخفي والتحرك
• تربط بين 7 محافظات سورية: دير الزور وحماة والرقة وحمص وحلب وريف دمشق والسويداء
• تمتد إلى أرياف السويداء وريف دمشق وريف حماة وحمص غرباً
• تصل إلى الحدود السورية – العراقية شرقاً والحدود -الأردنية جنوباً وأطراف الرقة ودير الزور
• تشهد كثافة سكانية منخفضة
هذه البادية المترامية الأطراف سمحت للتنظيم بشن حرب عصابات وضربات متفرقة سريعة خاطفة، ورغم رفع القوات السورية والإيرانية لجهوزيتها يسجل غياب اي رؤية استراتيجية واضحة لمحاربة التنظيم.
أسباب فشل القضاء على “داعش” في البادية السورية:
• غياب استراتيجية عسكرية للنظام السوري وحلفائه
• ضعف استخبارات القوات السورية
• اقتصار العمليات العسكرية على ردود فعل غير منتظمة
• اعتماد القوات السورية هجمات غالباً ما تكون برية من دون إسناد جوي
• تركيز القوات الروسية والإيرانية عملياتها في ريف حمص ودير الزور وريف الرقة الجنوبي
• اكتفاء روسيا بالمشاركة الجوية لإسناد قوات النظام المتقدمة برياًً
• تنافس إيران وروسيا على النفوذ في شرق سوريا
• اعتماد “داعش” استراتيجيات وتكتيكات عسكرية مدروسة
• اعتماد التنظيم حرب عصابات والتخفي في البادية
• تمتع عناصر “داعش” بالقدرة على التخفي ضمن الطبيعة الجغرافية في البادية
حوّل “داعش” البادية إلى ثقب أسود يبتلع معارضيه، وقتل المئات منذ سيطرته على هذه المنطقة،
رغم تراجع نشاطه، يشن التنظيم هجمات دورية في سوريا، لا سيما في منطقة البادية الممتدة بين محافظتي حمص (وسط) ودير الزور (شرق) عند الحدود مع العراق حيث تنشط مجموعات “جهادية”.
وبعدما خرجت مناطق كثيرة عن سيطرة النظام في بداية النزاع، تمكن النظام السوري بدعم من روسيا وإيران من تحقيق تقدم ميداني خلال السنوات الثلاث الأخيرة وبات يسيطر اليوم على أكثر من 70 في المئة من البلاد.
والمناطق التي لا تزال خارجة عن سيطرة دمشق هي إدلب (شمال غرب) التي تسيطر عليها الفصائل المقاتلة، ومناطق سيطرة القوات التركية وفصائل موالية لها على طول الحدود الشمالية، ومناطق سيطرة القوات الكردية في شمال شرقي البلاد.
ويؤكد محللون وخبراء عسكريون أن القضاء على “الخلافة” لا يعني أن خطر التنظيم قد زال مع قدرته على تحريك عناصر متوارية في المناطق التي طُرد منها وانطلاقاً من البادية السورية.
وغالباً ما ينفّذ التنظيم عمليات خطف ووضع عبوات واغتيالات وهجمات انتحارية تطاول أهدافاً مدنية وعسكرية في آن واحد، وتستهدف بشكل شبه يومي أيضاً عناصر “قوات سوريا الديموقراطية” (قسد) في شرق دير الزور.
ولم تتمكن القوات السورية من احتواء هجمات التنظيم حتى اللحظة على الرغم من المشاركة الروسية الكبيرة.
وتخفي رمال البادية السورية الأعداد الحقيقة لمقاتلي “داعش” و قدراته وإمكانياته، إضافة إلى كثير من الأسرار التي تحيط به، وربما تكشف تطورات الازمة السورية بشقيها الاقليمي والدولي مزيداً من اسرار هذا التنظيم وخباياه في الفترة المقبلة.
المصدر: النهار العربي