فراس فحام – كاتب وباحث سوري
عادت وسائل إعلام النظام السوري لنشر صور ومقاطع فيديو تظهر تجمعات لقوات النظام جنوب غرب إدلب، فيما يوحي أنه تجهيز لعملية عسكرية جديدة.
المعلومات الميدانية تشير بالفعل إلى إرسال النظام تعزيزات لمحاور القتال في غرب منطقة جبل الزاوية.
هذه التحركات جاءت رغم استكمال الدوريات المشتركة لمسارها، وقطعها في الثاني والعشرين من تموز / يوليو الجاري لكامل المسافة المنصوص عليها بحسب اتفاق موسكو، لتكون هذه المرة الأولى التي تكمل فيها الدوريات المشتركة طريقها بالكامل!
التلويح بالتصعيد أيضاً يأتي عقب توافق تركيا وروسيا في محادثتهما الأخيرة على تشكيل مجموعة عمل مشتركة حول ليبيا.
أي ثمة رغبة ثنائية بالعمل المشترك لحلحة الملفات الخلافية من خلال استمرار الحوار.
لايمكن استبعادالتصعيد بشكل قطعي،ولو كان تصعيداً جزئياً، لكن بالنظر إلى التوقيت المتزامن مع تقدم العمل المشترك في كل من سوريا وليبيا، وبالنظر إلى الضخ الإعلامي الذي قام به النظام لقدوم التعزيزات العسكرية في طريقة توحي التعمد.
يمكن القول أن التعزيزات لا تزال في طور الضغط السياسي
الضغط الروسي من خلال التحشيدات يهدف إلى تسريع تنفيذ تركيا لالتزاماتها المتمثلة في تفعيل التجارة المشتركة على الطرقات الدولية M4 و M5، وهذا سيشكل متنفساً للنظام في ظل العقوبات الأمريكية.
فقررت روسيا استخدام الضغط خاصة بعد إبداء أنقرة استجابة في تطبيق عقوبات قانون “قيصر”.
يبدو أن تزامن الحشود الروسية في إدلب، مع استمرار تدفق تعزيزات حكومة الوفاق إلى محيط سرت الليبية ليس من باب الصدفة، كما يبدو أن ذلك يحمل في طياته رسالة روسية مفادها: إذا ستتمسك تركيا بحقها في دعم حكومة ليبيا المعترف بها دولياً في استكمال عملياتها، سنتمسك بحقنا في دعم نظام الأسد.
حوض سرت والهلال النفطي الليبي والجفرة وطبرق وبنغازي، كلها مناطق تمثل أهمية إستراتيجية كبيرة بالنسبة لروسيا كون التمركز فيها يتيح لموسكو تنفيذ رؤيتها المتعلقة بالتحكم بتدفق إمدادات الطاقة إلى أوروبا، والانتشار بها يعزز نفوذ موسكو في منطقة(المياه الدافئة) وهو هدف روسي قديم جداً.
وتبقى مسألة التقارب التركي – الأمريكي في ملفات سوريا وليبيا أمراً مقلقا بالنسبة لروسيا، يمكن أن يدفعها للتلويح بالخيار العسكري لإعادة ضبط بوصلة العلاقات التركية – الأمريكية، والتركية – الروسية.
في ظل هذه التعقيدات لابد أن تتنبه الفصائل العسكرية السورية لأهمية عدم الاعتماد بالمطلق على الجيش التركي في أي مواجهة تندلع في إدلب، فقد لا تتيح تعقيدات الوضع أكثر من مساندة تركية غير مباشرة.
صلابة الموقف الميداني ستقوي موقف أنقرة، وتدفعها للمزيد من دعم المعارضة.