آثار تدمر..ماذا عنها بعد سيطرة النظام والروس على المدينة مؤخراً

بعد أن دمّر تنظيم الدولة “داعش”، نسبة لا تقل عن (80 %)، من تلك الآثار والأوابد النادرة أثناء تواجده في مدينة تدمر، ماذا فعل النظام وحلفائه في كلتا مرات سيطرته على المدينة وتخليصها من قبضة التنظيم.

 

يتساءل الجميع بمن فيهم أهالي تدمر أنفسهم عن مصير آثار مدينتهم بعد أن سيطر النظام السوري وحليفته روسيا، عليها مؤخراً، وبعد أن دمّر تنظيم الدولة النسبة الأكبر والأشهر من تلك الآثار والمعالم التاريخية في المدينة.

ماذا عنها اليوم بعد أن طُرد التنظيم منها، والهالة الإعلامية والأخبار الصادرة عن الإعلام السوري الحكومي والروسي من هنا وهناك، عن حجم الدمار الحاصل فيها ومشاريع إعادة ترميمها أو نقلها لمكان بعيد عن الحرب ليتم ترميمها بظروف آمنة ومستقرة.

فبعد أن سيطرت القوات الحكومية السورية والميليشيات المساندة لها وبرفقة سلاح الجو والبر الروسي، في بداية شهر آذار الحالي، لم تُعلن حتى الآن، أيّة مشاريع لنقلها او إعادة ترميمها كما العادة، وكما يتصدر الإعلام الحكومي بكلتا مرات سيطرته على المدينة، بأنه حامي الحمى وحافظ للتاريخ والحضارة ومكافح للإرهاب الذي صنعه هو نفسه.

عندما استعاد جيش النظام وحلفائه الروس والإيرانيين، السيطرة الأولى على المدينة من قبضة تنظيم الدولة عام 2016، أعلنوا بشكل رسمي عن مدى الضرر الناتج عن تدمير التنظيم لعدة مواقع أثرية في المدينة، لا سيما وهي الأشهر (معبد بل، معبد بعل شمين، قوس النصر، المدافن البرجية)، لكن اقتصرت حينها عمليات الترميم والإصلاح، على نقل تمثال “أسد اللات” المتواجد في مدخل متحف تدمر، لترميمه في إحدى الدول الأوروبية، وتناسوا ما تبقى من أهم الأوابد الأثرية في المدينة والمذكورة سابقاً.

فهل ماينتهجونه من دعاية إعلامية لكونهم محررين وحامين للحضارة مع حليفتهم روسية، هو فقط رسائل للمجتمع الدولي ومنظمة اليونيسكو العالمية، أم أنها فعلاً مشاريع ومبادرات حقيقية لحماية ذلك التراث وإعادة إصلاحه؟

على أرض الواقع، وجواباً للاستفسار السابق، لا نرى أي مشاريع حقيقية لإعادة ترميم آثار المدينة، ولا حتى تقييم نسب الأضرار الحاصلة فيها عن طريق مختصين وباحثين آثاريين سوريين وغربيين كأدنى احتمال، في حين نرى تصريحات إعلامية رنّانة بعد السيطرة على المدينة وأن النظام وحلفائه يسعوون جاهدين للإصلاح وإعادة التأهيل، دون أي تنفيذ فعلي على أرض الواقع يثبت تلك التصريحات.

فحتى “اليونيسكو” المنظمة العالمية المهتمة بالآثار والتراث، نراها كل مرة ترحّب بطرد تنظيم الدولة من المدينة دون أن يكون هناك أي اهتمام لمرحلة ما بعد طرد التنظيم، وما مصير تلك الآثار بعد أن تخلصت من قبضة الإرهاب والإجرام الأسود، الذي يراه معظم السوريين اليوم بأنه من نتاج مكافحيه أنفسهم، ألا وهم النظام السوري وحليفته طهران.

وماذا عن تهميش ولا مبالاة اليونيسكو، عن الدمار والتخريب الناتج عن الحملات العسكرية للنظام وروسية بالمنطقة الأثرية قبل سيطراتهم على المدينة، أم هذا يعدّ في خانة الحرب وهو مباح من باب التخريب لوقف التخريب.

وفي تحقيق صحفي سابق لصحيفة التلغراف البريطانية، نشرت الصحيفة تحقيقاً أظهرت فيه بأن عمليات التنقيب السرية ونهب آثار تدمر، مستمرة وتحت نظر وسمع القوات والخبراء الروس المتواجدين في المدينة قبيل السيطرة الثانية لتنظيم الدولة عليها.

كما نشرت تنسيقية تدمر المعارضة، صوراً لتنقيبات سريّة في الحرم الأثري في مدينة تدمر، أثناء سيطرة النظام وروسية على المدينة قبل بشهر واحد من سيطرة التنظيم مرة أخرى على المدينة.

فيما يكتفي الإعلام الروسي وفي كلتا مرات تواجده في المدينة، على أخبار يومية ببدء عمليات إزالة الألغام التي زرعها التنظيم في المنطقة الأثرية، برغم تأكيدات متكررة من شهود عيان داخل المدينة عن عدم وجودها فعلياً، كون التنظيم دمّر الآثار والأوابد أمام العالم أجمع، وافتخر بذلك أيضاً، فما حاجته للتلغيم والتفخيخ بالسر.

 

 

 

يذكر أن تنظيم الدولة “داعش”، دمر خلال سيطرته الأخيرة على المدينة في مطلع العام الحالي: (واجهة المسرح الروماني، التترابيلون)، بينما كانت النسبة الأكبر للدمار خلال سيطرته الأولى عام 2015، حيث دمّر التنظيم، أهم وأشهر المعالم الأثرية في المدينة وهي: (معبد بل، معبد بعل شمين، قوس النصر، المدافن البرجية).

وتتزايد الشكوك عن وضع آثار المدينة، وخصوصاً أن الإعلام المستقل وحتى الحكومي، مغيّب عمّا يجري هناك، ويحتكر الإعلام الروسي الصور والتقارير الإخبارية عن المنطقة الأثرية في تدمر، كما يُمنع حتى موظفي آثار المدينة من الاقتراب من المنطقة لمشاهدة ما جرى من تخريب وتقييم الأضرار وإمكانية الترميم.

تعليق